[تفسير قوله تعالى: (ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك)]
قال الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم: {مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ} [فصلت:٤٣].
القول إما من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم، أو من الخلق للنبي صلى الله عليه وسلم، فالذي قيل لك من الخالق والمخلوق هو الذي قيل للسابقين من قبلك.
فمن الله قوله لك: هذا القرآن العظيم نزل من عنده، فادع الناس إلى ربهم سبحانه تبارك وتعالى، أن يعبدوه وحده لا شريك له، وادعهم إلى التوحيد، وليس هذا بالشيء الجديد المبتدع، وكذلك الأنبياء والرسل السابقون فقد جاءوا بلا إله إلا الله، فما يقال لك إلا ما قد قيل للسابقين، أن قولوا: لا إله إلا الله وأن {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف:٥٩].
أي: اعبدوا إلهاً واحداً هو الذي خلق ورزق وربى، والذي أنزل هذا القرآن، وهو الله سبحانه تبارك وتعالى.
والرسل السابقون عليهم الصلاة والسلام دعوا الخلق إلى إله واحد، فأبى المشركون إلا أن يعبدوا غيره، قال تعالى: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح:٢٣].
فقالوا: الزموا آلهتكم وابتعدوا عن هؤلاء الأنبياء فلا تتبعوهم، وكذلك قيل للنبي صلى الله عليه وسلم، فقد وقف له عمه أبو لهب والمجرم أبو جهل وغيرهما من الكفار والمجرمين، يعارضونه صلوات الله وسلامه عليه، ويمنعونه من تبليغ رسالة الله سبحانه تبارك وتعالى.
فهي سنة الله في خلقه أن يقابل النبي الذي بلغ رسالة الله بالرفض والتكذيب والإعراض، قال الله تعالى: {مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ} [فصلت:٤٣].
والله سبحانه تبارك وتعالى هو الرب القوي القادر على أن يغفر وأن يعذب العذاب الأليم، قال تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ} [فصلت:٤٣].
فالله يبسط يده في الليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، فالله ذو مغفرة، وهو الذي خلقك ورباك، فهو صاحب مغفرة، ونكرها على أنها مغفرة عظيمة جداً فهو يغفر الذنوب جميعاً سبحانه تبارك وتعالى، إذا تاب العبد إلى الله، وتاب الله عز وجل عليه.
وأيضاً الله ذو عقاب أليم لمن أعرض عن الله وكذب وجحد وشاق ربه سبحانه وحاد عن دينه، فيستحق العذاب الأليم الموجع من الرب العظيم سبحانه تبارك وتعالى.