للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم)]

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

قال الله عز وجل: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ} [النمل:٨٢].

يخبر الله سبحانه وتعالى في هذه الآية من سورة النمل أنه إذا جاء أمر الله سبحانه ووقع القول على الخلق، والقول هو حكم الله وقضاء الله وقدره سبحانه، وغضب الله سبحانه وتعالى، فإذا كان أكثر أهل الأرض من المجرمين الكافرين نزل عليهم غضب الله سبحانه واستحقوا العذاب واستحقوا العقوبة.

وقالوا أيضاً في قوله تعالى: (إذا وقع القول عليهم) أي: حق عليهم القول من الله سبحانه أنهم لا يؤمنون، ولا يأتي بعد ذلك إلا الكفار والفجار، فيستحقون غضب الله سبحانه وتعالى عليهم، كما أخبر عن قوم نوح أن نوحاً قال لربه سبحانه وتعالى مستغيثاً ومستجيراً به: {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا} [نوح:٥ - ٧]، فأخبر عن قومه أنهم كفار مجرمون مستكبرون، فأوحى إليه ربه فقال: {أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ} [هود:٣٦]، فإذا كان الأمر أن الإيمان وقف على ذلك، أن هؤلاء مؤمنون والباقي كلهم كفار، ولن يأتي مؤمنون بعد ذلك، فعلى ذلك يستحق هؤلاء الكفار عقوبة رب العالمين سبحانه.

ثم قال: {وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [هود:٣٦]، أي: لا تحزن على هؤلاء، فستأتيهم المصائب وسيأتيهم العقاب من الله سبحانه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>