جاءت الأحاديث التي تبين أن الأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه، ومن ذلك ما رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:(جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد! إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلائق على إصبع فيقول: أنا الملك سبحانه وتعالى، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر).
فالنبي صلى الله عليه وسلم أقر اليهودي على ذلك، وهذا يدل على أن هذا صحيح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقر على باطل أبداً، ليس من الممكن أن يقال أمامه كلام كذب على الله وافتراء ويضحك صلوات الله وسلامه عليه، ولكنه ضحك على أن هذا صدق وصحيح، وهو مع ذلك يتعجب لأمرهم، وكأنه يقول: كيف عرفتم ذلك وعرفتم قدرة الله وقوة الله ومع ذلك لم تعبدوا الله، ومع ذلك عصيتم الله سبحانه، وعرفتم أني نبي ومع ذلك لم تدخلوا في ديني؟ قال عبد الله بن مسعود (فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}[الزمر:٦٧]) أي: ما عظموا الله حق تعظيمه سبحانه وتعالى، {وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}[الزمر:٦٧] سبحانه وتعالى.
إذاً: هؤلاء الذين عرفوا قدرة الله وقوة الله ذكروا العجائب عن أمر الله سبحانه وتعالى، وافتروا على الله الكذب، هؤلاء اليهود الذين شبهوا الله سبحانه بالمخلوق سبحانه وتعالى، وهؤلاء النصارى الذين شبهوا الله سبحانه وأشركوا به، وقالوا عن المسيح ابن مريم: إنه ابن الله، وقالوا: إن الله نزل من السماء ودخل في بطن مريم ونزل منها كما يولد الصبي الصغير سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيراً! {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}، وهؤلاء اليهود الذين عرفوا قدرة الله وقوة الله وقالوا: إن الله نزل فصارع داود، فغلبه داود! انظر كيف يقولون ويفترون على الله الكذب سبحانه وتعالى!! ولذلك تعجب النبي صلى الله عليه وسلم كيف تعرفون ذلك ومع ذلك تهرفون وتكذبون على الله سبحانه؟!