أي: لو كان ربنا جعل عليكم الليل سرمداً دائماً على وجه الأرض، فمعنى ذلك أن الأرض لن تدور، وستظل ثابتة في مكانها، فالأرض تدور حول نفسها خلال ٢٤ ساعة، فيأتي عليها الليل والنهار، فالوجه المقابل للشمس يكون نهاراً، والوجه الآخر يكون ليلاً، فدوران هذه الأرض يجعلها تتعرض لشروق الشمس ولغروبها، فلذلك تقوم الحياة على الأرض، وتأتي طاقة من حرارة الشمس للأرض، فيعيش الناس.
فتأملوا لو جعل الله عليكم الليل سرمداً إلى يوم القيامة، ماذا سيحصل إذا لم تأت الشمس إلى هذه الأرض؟ ستكون الأرض فيها الثلوج وتنخفض الحرارة، فيموت الخلق، فالله عز وجل لطيف ورءوف ورحيم بعباده سبحانه.
يقول: تفكروا لو جعلنا عليكم الليل سرمداً، وانظروا إلى الكواكب حول هذه الشمس القريبة منها والبعيدة منها، فهي لا تصلح للحياة، ولكن جعل الله هذه الأرض صالحة للحياة، فجعلها في هذا المكان، وجعلها تدور، فليتأمل الإنسان في بديع قدرة الله سبحانه وتعالى، فإن الأرض في مدار تجري حول الشمس، وتدور حول نفسها، ولو قرب المدار قليلاً حول الشمس لاحترقت الأرض ومن عليها، وبعض الكواكب التي في المدارات القريبة من الشمس قليلاً تصل الحرارة فيها إلى خمسمائة درجة مئوية، أو أربعمائة وستين درجة مئوية، فمن يطيق ذلك؟! وكذلك لو بعدت الأرض عن الشمس لأصبحت الأرض كوكباً جليدياً لا توجد عليها حياة.
(سَرْمَدًا ً): دائماً إلى يوم القيامة.
(مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ)، أي: لو جعلها مظلمة على العباد، من إله غير الله يأتيكم بضياء، فعلى الإنسان أن يعلم أن النفس الذي يتنفسه من الأشياء الضارة، مثل ثاني أكسيد الكربون، فيجعله الله نفعاً لغيره، فيأخذه النبات بالنهار، ويخرج الأوكسجين لكي تتنفسه أنت، والذي يتسبب في ذلك هي الطاقة الشمسية وضوء الشمس مع الأوراق الخضراء التي في النبات، فلو أنه كان مظلماً، فسيتنفس النبات ما تتنفسه أنت، وكل ما على الأرض سيتنفس كما يتنفس الإنسان فتتلوث الأرض من نفس الإنسان، فمن إله غير الله يأتيكم بهذا الضياء الذي بسببه تتنفسون؟ وبسببه ينظر بعضكم إلى بعض، وتستفيدون من ضوء الشمس في كل شيء من فضل الله ومن رحمته.
(أَفَلا تَسْمَعُونَ)، فلو كان الأمر دنيا مظلمة فليس معك إلا السمع، فلن ترى شيئاً، فاسمع لما نقول لك وافهم هذا الذي نقوله، فناسب ما ذكر من ظلمة ذكر السمع، ولم يقل:(أفلا تبصرون) وإنما قال: (أَفَلا تَسْمَعُونَ) أي: لهذا الذي نقوله.