أخبر تعالى عن مشيئته في هداية الخلق فقال:{إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ}[فاطر:٢٢] قوله: يسمع، بمعنى: يهدي، أي: يسمع سمع إجابة، وفي الآية يبين الله سبحانه تبارك وتعالى أنه يهدي من يشاء ويضل من يشاء، فمع أن الجميع سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن هناك فرق بين من سمع فانتفع، ومن استمع لما قاله النبي صلى الله عليه وسلم على وجه المعاندة والمشاقة والمحادة فلم ينتفع، فالله سبحانه هو الذي أسمع هذا فانتفع وهو الذي لم يسمع هذا فلم ينتفع، والمعنى: أن الله يهدي من يشاء إلى أن يأخذ بكتاب الله عز وجل ويعمل به, قال سبحانه:{وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ}[فاطر:٢٢] يخاطب الله نبيه صلى الله عليه وسلم فيقول له: لست تسمع من في القبور، أي: الأموات؛ فالأموات لا يسمعون إلا أن يشاء الله سبحانه تبارك وتعالى، إذاً الأصل أن الميت لا يسمع كلام الأحياء! إلا أن يجعل الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم كرامة ومعجزة أن يسمع بعض هؤلاء الأموات، كأن ينادي عليهم فيسمعون ما يقوله صلوات الله وسلامه عليه, لكن الأصل قوله سبحانه {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ}[فاطر:٢٢] وقوله سبحانه {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}[النمل:٨٠]، وفي قوله سبحانه:{وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ}[فاطر:٢٢] إشارة إلى أن هؤلاء الكفار صاروا إلى حال أهل القبور؛ لعدم الجدوى في سماعهم، فإنهم يسمعون النبي صلى الله عليه وسلم وهم متحيرون شاكون، كما أنهم لا يحاولون أن يفهموا ما يقوله النبي صلوات الله وسلامه عليه، فكأنهم أموت في قبورهم.