قال تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ}[العنكبوت:١٠].
هنا ذكر فريقاً آخر من الناس الذين في إيمانهم ذبذبة: إما أنهم المنافقون، أو أن إيمانهم ضعيف بأقل فتنة يرتد ويرجع على عقبيه.
وقد كان من أهل مكة من آمن ودخل في دين الله تعالى: فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم مكثوا في مكة مستضعفين حتى كان عام الفتح.
قال الله عز وجل:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ}[العنكبوت:١٠]، فتنة الناس هنا عذاب الناس، فالمشركون كانوا يعذبون بعض المؤمنين، فإذا كان هذا المؤمن إيمانه ضعيف فيرى العذاب الذي ينزل به فيتزعزع إيمانه ويقول: ليس جهنم أكثر مما أنا فيه، فيرتد عن هذا الدين، وكأنه جعل عذاب الله عز وجل يماثل عذاب البشر.
أو أنهم المنافقون الذين يظهرون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم.
وقد ذكرنا أن هذه السورة منها ما نزل بمكة، ومنها ما نزل بالمدينة، فإن كانت هذه الآية نزلت بمكة فالمقصود المؤمنون إيماناً ضعيفاً، وإن كانت نزلت بالمدينة فالمقصود المنافقون.
وقال مجاهد رحمه الله تعالى: نزلت هذه الآية في أناس كانوا يؤمنون بألسنتهم، فإذا أصابهم بلاء من الله أو مصيبة في أنفسهم افتتنوا.
وهنا التذكير للمؤمن أن يثبت على دينه، وأن يلازم أمر الله سبحانه، فإذا نزل به البلاء انتظر الفرج من الله ولا يتذبذب ولا يرتد على عقبيه؛ فإن في ردته شماتة للكفار به، وضياعاً له في دنياه وأخراه.
نسأل الله عز وجل أن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.