أشار الله سبحانه تبارك وتعالى في سورة الصافات إلى بعض أنبيائه ورسله عليهم الصلاة والسلام إشارات، بين فيها كيف أنه سبحانه أرسلهم بالتوحيد إلى قومهم، ليدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، فكذبهم القوم؛ فجاءت عقوبة الله سبحانه تبارك وتعالى على هؤلاء.
فالغرض من ذكر هؤلاء الرسل عليهم الصلاة والسلام توطين النبي صلى الله عليه وسلم، وتثبيته ومن معه من المؤمنين على ما هم عليه من ابتلاء من الله سبحانه تبارك وتعالى، فقد أعطاهم سبحانه هذا الدين العظيم، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو قومه، وكان يثبته الله عز وجل بما يذكر له من قصص المرسلين السابقين عليهم الصلاة والسلام، وكيف ابتلاهم الله ونصرهم وجازاهم خير الجزاء، وعقب وراء ذكر كل قصة بقوله:((إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ))، فالمقصد بيان نصر الله عز وجل للمرسلين وللمؤمنين، وكيف نصرهم حتى يطمئن المؤمنون أنه مهما طال بهم العذاب وطال عليهم الأذى فإن نصر الله آت، كما قال تعالى:{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ}[الصافات:١٧١ - ١٧٣]، فعباد الله المرسلون ينصرهم الله، ويجعلهم الله عز وجل هم الغالبين، وهذه الآيات تدل على ما ذكر الله سبحانه.
قال تعالى:{وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ}.
هذه الآية فيها قراءتان؛ بهمزة القطع وبهمزة الوصل، فقرأ بهمزة الوصل ابن عامر بخلف هشام وقرأ باقي القراء بهمزة القطع ((وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ)) أي: إنه كان نبياً من أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام مرسلاً إلى بني إسرائيل، {لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ}[الصافات:١٢٣] أي: ممن أرسلناهم وجعلناهم أنبياء لبني إسرائيل، وقد كان بعد موسى بزمن ليس بالطويل، فقد كان جده الرابع هارون على نبينا وعليه الصلاة والسلام فهو (إلياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، فإلياس من ذرية هارون، وقد أرسل إلى بني إسرائيل يدعوهم إلى الله سبحانه تبارك وتعالى.