وكذلك وهب الله داود وسليمان وآتاهما ما قال تعالى:{وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا}[الأنبياء:٧٩] فسخر مع داود الجبال يسبحن، وسخر له الجمادات، وسخر لسليمان هذا الذي ذكره سبحانه وتعالى في هذه الآية.
وأعطاه الله من علم النبوة الفراسة، وهي علم عظيم من الله عز وجل.
والإنسان صاحب الفراسة يتفرس في الشيء، أي: يتوسم وينظر إليه فيكشف ما وراء ذلك من أشياء، ولذلك جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم:(إن لله عباداً يعرفون الناس بالتوسم)، والمعنى: أن ناساً اختصهم الله بهذا العلم من أنواع العلوم، وهو علم الفراسة.
والفِراسة بالكسر والفَراسة بالفتح، فمعناها بالكسر النظر والتثبت ودقة النظر، والتعرف على الأحوال، والتأمل في الشيء، وتوقع ما يكون هذا الشيء.
وأما الفَراسة: فهي ركوب الخيل والفرس.
فمعنى:(إن لله عباداً يعرفون الناس بالتوسم)، يعني: ينظرون في الشيء، ويتوقعون وراءه شيئاً، فيكون على النحو الذي توقعوه، ولقد اختص الله عز وجل بها سليمان عليه السلام فأعطاه منها الكمال، وأعطى غيره من الخلق دون ذلك، وربنا سبحانه وتعالى يعطي كل إنسان ما يصلح له.
وعلم الفراسة علم عظيم جداً، وأصله موهبة من الله، وليس من اكتساب الإنسان، وإنما الإنسان يتعلم العلوم الشرعية، ولكن في النهاية هذا من الله للإنسان، فقد يكون على شيء من أمر الفراسة قد يزيد وقد يقل.