[تفسير قوله تعالى:(إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون)]
قال الله تعالى:{إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ}[الصافات:٣٥]، {إِنَّهُمْ}[الصافات:٣٥]، تعليلية أي: إنما استحقوا هذا العذاب العظيم لكونهم {كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ}[الصافات:٣٥]، أي: كانوا إذا دعوا إلى الله سبحانه وقيل لهم: قولوا لا إله إلا الله فقد قالها النبي صلى الله عليه وسلم للكفار: (قولوا كلمة واحدة تملكون بها العرب والعجم، ويكن لكم في ذلك خير الدنيا والآخرة)، وقالها لعمه أبي طالب:(يا عمي! قل كلمة واحدة، قل لا إله إلا الله)، فاستكبروا وقالوا عنه صلى الله عليه وسلم:{إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ}[ص:٥]، فتعجبوا من كون النبي صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى عبادة الله وحده، واستكبروا وقالوا كما قال الله سبحانه عنهم:{وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ}[الصافات:٣٦] أي: نحن نصدق هذا الشاعر؟! وهم يعرفون أنه ما نطق بالشعر قط، لكن لما جاء التكذيب قالوا بما يعلمون أنهم يكذبون فيه، فرموه بأنه شاعر، وبأنه مجنون، ورموه بالسحر والكهانة، قال الله سبحانه:{بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ}[الصافات:٣٧] أي: بل جاءكم بالقرآن العظيم والشريعة العظيمة من عند رب العالمين، {وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ}[الصافات:٣٧] أي: جاء بما جاء به المرسلون قبله فقد جاءوا بالتوحيد: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}[المؤمنون:٣٢]، فكل أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام قد جاءوا بلا إله إلا الله، ودعوا إليها جميع الخلق، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يأت بشيء جديد وإنما جاء بتصديق هؤلاء المرسلين بتوحيد الله سبحانه وتعالى.
{وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}[الصافات:٣٩]، أي: وإنما جازيناكم على أعمالكم، وتفريطكم، وتقصيركم، وإجرامكم {إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ}[الصافات:٤٠]، واستثنى الله سبحانه وتعالى عباده المخلصين: المؤمنين الذين أخلصوا لله سبحانه، فجعلهم أهل السعادة، وجعلهم في جنته يوم القيامة.
نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من عباده المخلصين المقربين.