للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (يغشى الناس هذا عذاب أليم وقد جاءهم رسول مبين)]

قال الله تعالى: {يَغْشَى النَّاسَ} [الدخان:١١] أي: يغطي هؤلاء، {هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الدخان:١١] أي: هذا من عذاب الله عز وجل لهؤلاء حيث منع الله عز وجل عنهم المطر، فقالوا: {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ} [الدخان:١٢] أي: أنهم يدعون الله عز وجل حين يرون هذا العذاب فيقولون: {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ} [الدخان:١٢] أي: نحن مصدقون أنك ربنا وخالقنا، وسنؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم إذا كشفت عنا هذا العذاب، كما قال قوم فرعون لموسى عليه الصلاة والسلام.

قال سبحانه: {أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ} [الدخان:١٣] أي: من أين لهم التذكر؟ فهؤلاء مثل الذين إذا ركبوا في البحر وأصابهم الضر {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت:٦٥].

وهذه عادة المشركين، فإنهم إذا أصابتهم البلية والمصيبة قالوا: يا رب! ورجعوا إليه، فإذا كشف عنهم البلاء نسوا الله سبحانه، ورجعوا إلى شركهم وعبادة غيره سبحانه، قال: {أَنَّى لَهُمُ} [الدخان:١٣] أي: من أين لهم التذكر وعادتهم أنهم يكذبون ويعرضون في وقت الرفاهية والرخاء؟! {وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ} [الدخان:١٣]، (مبين) لها معنيان: الأول من بان بمعنى: ظهر، فهو مبين ظاهر واضح جلي صلى الله عليه وسلم، ومعه الآيات والمعجزات من ربه التي تدل على صدقه عليه الصلاة والسلام.

والثاني بمعنى: مفصح صلوات الله وسلامه عليه، من أبانه بمعنى أظهره وبينه وفسره وشرحه، فهو مبين بلسان عربي مبين، وليس كلامه أعجمياً فيدعون أنهم لا يفهمون ما يقوله.

<<  <  ج:
ص:  >  >>