يذكر الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات أنه وحده لا شريك له، الإله الحق الذي يعبد في السماوات في الأرض، فهو الإله المعبود في السماوات وهو المعبود في الأرض، وإن كره المشركون، وإن كفر الجاحدون، فهو الإله الحق وما دونه فباطل.
والإله هو المعبود، وقد اتخذوا من دون الله آلهة كلها باطلة، {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ}[يس:٧٤]، أي: لعلهم يتعززون بهذه الآلهة، وقالوا:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}[الزمر:٣]، والله سبحانه وتعالى يخبرنا بأن هذا الذي يقولونه باطل، فذرهم يخوضوا ويلعبوا، أي: يخوضون في باطلهم، ويلعبون في دنياهم، حتى يلاقوا الذي يوعدون، وذرهم في خوضهم، مثل إنسان يخوض ويمشي في الماء، والذي يمشي في الماء لا يدري ما الذي يكون تحته من حفرة أو شيء يؤذيه، وكأنها استعيرت هذه الكلمة للباطل الذي لا يدري صاحبه ما يوصله إليه أمر لبسه وإبطاله، وكيف تكون نهاية خوضه، يقال: خاض فلان في الكلام إذا تكلم كثيراً في أشياء يلبس بها.
ويأتي الخوض بمعنى: المفاوضة والمقاولة، هذا يقول، وهذا يرد عليه، وكأنهم يريدون الإبطال بقولهم لدين رب العالمين سبحانه، فـ {ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ}[الأنعام:٩١] أي: في مخاضتهم، وفي لعبهم الذي يقولونه ويصنعونه، حتى يلقوا يومهم الذي يوعدون.
{وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ}[الزخرف:٨٤] فهو إله الحق، وإن كفر هؤلاء واتخذوا من دونه آلهة، فهو وحده الذي يستحق العبادة في السماوات وفي الأرض {وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ}[الزخرف:٨٤].