ذكر الله عز وجل قصة نوح هنا فقال:{كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ}[الشعراء:١٠٥]، وسرد الآية على نفس السياق الذي وردت فيه كل القصص في هذه السورة، {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ}[الشعراء:١٠٥]، {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ}[الشعراء:١٢٣]، {كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ}[الشعراء:١٤١]، {كَذَّبَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ}[الشعراء:١٧٦]، وفي كل الآيات يذكر:{إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ}[الشعراء:١٠٦] إلا في أصحاب الأيكة فقال: {إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ}[الشعراء:١٧٧]؛ لأن هؤلاء الذين ذكر الله عز وجل في قصصهم:{إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ}[الشعراء:١٠٦] كانوا إخوة لذلك النبي في النسب، أو كانوا من القوم، فيقال: فلان أخو فلان يعني: من النسب، وقد يقال: فلان أخو فلان أي: من نفس القبيلة، ولا يشترط أن يكون أخاً لواحد منهم من النسب، فقد يكون من القبيلة وهو بعيد في نسبه منها، فيقال: يا أخا بني تميم، يعني: أنت من بني تميم، أو أهلك كانوا من بني تميم، فذكر الله عز وجل هنا السياق المناسب لسياق السورة، فبدأه بالقصص، وختمه أيضاً بما تختم به القصص:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}[الشعراء:٨ - ٩].
قال تعالى:{كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ}[الشعراء:١٠٥]، فذكر المرسلين بالجمع مع أنه أرسل إلى قوم نوح عليه الصلاة والسلام رسولاً واحداً وهو نوح، ولكنه ذكر الجمع هنا؛ لأن من كذب رسولاً واحداً فقد كذب جميع المرسلين، فدعوة المرسلين دعوة واحدة، فالرسل كلهم يدعون أقوامهم أن {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}[الأعراف:٥٩]، فمن كذب هذا الرسول الذي يأمرهم بقوله:{اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}[الأعراف:٥٩]، فقد كذب كل من دعا إلى ذلك.