للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[ذكر معنى اسمي الله الغفور والرحيم]

بين سبحانه سعة عفوه ومغفرته فقال: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر:٥٣] الغفر بمعنى: الستر والتغطية، ومنها: المغفر، وهي: الحلقات من الحديد التي يلبسها المقاتل، ليتقي بها سيوف الأعداء، يستر نفسه بالحديد، والله الغفار سبحانه، والغفور، وغافر الذنب، وكلها من أسمائه الحسنى سبحانه وتعني: الذي يستر الذنب، ويغطيه، ويكفر سيئات العبد فيمحوها تبارك وتعالى، ثم بين سبحانه أنه لا يستثني ذنباً فقال: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر:٥٣] والآية تدل على مغفرة جميع الذنوب حتى الكفر بالله سبحانه والشرك به فإنه يغفره، طالما تاب العبد من الكفر، ومن الشرك؛ لأنه هو الغفور الرحيم، ولم يكتف بقوله: (إن الله يغفر الذنوب)، بل جاء بالتأكيد فقال: (جميعاً)، أي: كل الذنوب يغفرها سبحانه، وزاد المعنى تأكيداً بقوله: (إنه هو الغفور)، أي: الذي يستر الذنوب ويكفر السيئات، ويمحوها، بل ويبدلها حسنات، {إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (فرحيم) صيغة مبالغة من الرحمة، فهو الرحمن، وهو الرحيم سبحانه، وكلا الاسمين عظيم وجميل.

فالرحمن: رحمته لجميع خلقه، فهو يرحم الجميع، ومن رحمته لجميع خلقه سبحانه: أن ترفع الدابة حوافرها عن ابنها كي لا تقتله، فهو سبحانه تبارك وتعالى يجعل الرحمة في قلوب الإنس، وفي قلوب الجن، وفي قلوب الدواب، وفي قلوب كل ما خلق سبحانه.

والرحيم: الذي يرحم المؤمنين سبحانه، قال تعالى: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب:٤٣] أي: يرحمهم في الدنيا فيهديهم، ويرحمهم في الآخرة فيستر ذنوبهم، ويكفر سيئاتهم، ويدخلهم جنته سبحانه تبارك وتعالى، وكأن صفة الرحيم، تختص بالمؤمنين يوم القيامة بأنه لا يعذبهم سبحانه، وأنه يرحمهم ويدخلهم جنته سبحانه تبارك وتعالى.

<<  <  ج:
ص:  >  >>