[شروط حد القذف]
وحتى يقام حد القذف على القاذف لا بد من توفر شروط إقامة الحد، وهي تسعة شروط: شرطان في القاذف، وشرطان في المقذوف، وخمسة شروط في المقذوف به.
فالقاذف هو الإنسان الذي يرمي آخر بالزنى، ويشترط أن يكون عاقلاً بالغاً حتى يقام عليه الحد، فإذا كان مجنوناً فلا حد عليه، وإذا كان غير بالغ فيعزر تعزيراً ولا يقام عليه الحد؛ لأنه غير مكلف.
وأما المقذوف به: فهو الكلام الذي يقذف به الإنسان، كأن يقذفه بوطء يلزمه فيه الحد، سواء كان بالزنا أو باللواط، أو بنفيه من أبيه، كأن يقول: يا فلان أنت زان أو واقع في اللواط مثلاً، أو أنت لست ابن فلان، على وجه يقصد به نفيه عن أبيه بسبب هذه الجريمة.
ولكن إذا لم يكن يقصد ذلك وإنما يقصد معنى آخر، كأن يرى إنساناً ذكياً ويقول له: أنت لست ابن فلان؛ لأن أباه غبي، فهذا لا يقصد القذف، وإنما يقصد معنى آخر.
فهذان شرطان في المقذوف به.
وأما المقذوف فيشترط فيه خمسة شروط حتى يؤخذ له من الآخر حقه، ويقام على الآخر الحد: الشرط الأول: أن يكون المقذوف عاقلاً، فإذا كان مجنوناً فلن يتأثر بالقذف، وإن تأثر أهله؛ لأن تشريع حد القذف كان حماية للمقذوف، وتأديباً للقاذف، إلا أنه لما لم يتأذى المقذوف بأن كان مجنوناً فلا يجلد القاذف في هذه الحالة، وقد يعزر على ذلك، والتعزير معناه العقوبة في الشيء الذي لا حد فيه، كعشر جلدات من ذلك ولكن لا يبلغ به حد القذف.
وإذا لم يكن المقذوف بالغاً فلا يقام الحد على القاذف؛ لأنه معلوم أنه كذاب، وقد يعزر في ذلك.
ويشترط في المقذوف كذلك أن يكون مسلماً، فإذا قذف المسلم كافراً فإنه يعزر على ذلك، ولكن لا يقام عليه الحد.
ويشترط في المقذوف أن يكون حراً حتى لا يكون أدنى من القاذف، فإذا كان المقذوف عبداً فلا يقام على قاذفه الحد، ولكن يحرم قذفه، وقاذفه يحد في يوم القيامة، والله عز وجل جعل الناس مسخرين بعضهم لبعض، فجعل هؤلاء أحراراً وجعل هؤلاء عبيداً، وجعل للأحرار أحكاماً وجعل للعبيد أحكاماً، والله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد سبحانه وتعالى.
فلو قذف العبد أقتص من قاذفه يوم القيامة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (من قذف مملوكه أقيم عليه الحد يوم القيامة).
ومن شروط المقذوف: أن يكون عفيفاً عن الفاحشة، فلو أن إنساناً قذف آخر وقال له: يا زاني، وتبين أن هذا الإنسان المقذوف ليس عفيفاً، فعلى ذلك لا يقام عليه الحد، وقد يعزر على ذلك تعزيراً.