تفسير قوله تعالى:(أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً لا إله إلا هو رب العرش الكريم)
قال تعالى:{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ}[المؤمنون:١١٥] أي: أفحسبتم أننا خلقناكم كالبهائم وكالدواب وتركناكم عبثاً؟! فحاشا لله سبحانه أن يكون في خلقه عبث ولعب! ولكنه يخلق كل شيء بحكمة منه سبحانه وتعالى وبعلم وقدرة.
فإذا كان الله قد خلقهم من أجل أن يمكثوا في الدنيا وهي عمرٌ قليل، ويموت الناس فيها ثم لا يرجعون إلى الله، فأين العدل الإلهي الذي يكون للمظلوم من الظالم؟! فعدل الله عز وجل أن يعيدهم كما بدأهم، وأن يجازيهم على أعمالهم، والجواب من رب العالمين سبحانه:{فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ}[المؤمنون:١١٦] فتبارك وتعالى سبحانه وتمجد وتنزه وتقدس سبحانه، وهو الملك الحق سبحانه، لا يخلق شيئاً عبثاً، وإنما يخلق كل شيء لحكمة، فهو الله الملك الذي يملك كل شيء، فحكمه والذي يحكم كل شيء هو الحق، وما سواه فهو باطل مهما أوتي من ملك الدنيا.
وقوله تعالى:{لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ}[المؤمنون:١١٦] فهو رب الدنيا ورب الآخرة، فالسماوات السبع والأرضون السبع كلها بجوار كرسي الله سبحانه وتعالى كحلقة في فلاة، والكرسي بجوار عرش رب العالمين سبحانه كحلقة في فلاة!! فيستحق العرش أن يوصف بأنه عرش كريم، فالله مالك الدنيا والآخرة، ومالك هذا العرش سبحانه وتعالى رب كل شيء ومليكه.
وهذا هو الموضع الوحيد في القرآن الكريم الذي جاء فيه وصف العرش بأنه كريم، وفي سوى ذلك وصفه سبحانه بأنه العرش العظيم.