[فضل المشي إلى المساجد والصلاة فيها مع الجماعة]
الحمد الله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الله عز وجل في سورة النور: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [النور:٣٦ - ٣٨].
ذكرنا أن الله سبحانه وتعالى جعل له في الأرض بيوتاً، وهي: المساجد، وجعل عمّارها أفضل الخلق، وأقربهم إلى الله سبحانه وتعالى، والذين يستحقون أن يهديهم الله عز وجل في الدنيا، وأن يظلهم بظله يوم لا ظل إلا ظله.
وجعل من هؤلاء من يحفظون كتاب الله عز وجل، وجعلهم أهله سبحانه، وبشرهم بمشيهم في الظلمات إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة، قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: (بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة).
وذكر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ومنهم: رجل قلبه معلق بالمساجد) إذا خرج منها حتى يرجع إليها، فتعلقت القلوب بالمساجد، والذي يتعلق قلبه ببيت الله سبحانه وتعالى هو متعلق بالله عز وجل، فإذا كان يوم القيامة نفعه هذا التعلق ببيت الله سبحانه في أن يظله الله عز وجل في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
وجاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله؛ ليقضي فريضة من فرائض الله، كانت خطوتاه إحداهما تحط خطيئة، والأخرى ترفع درجة) وهذا ثواب عظيم من الله عز وجل لمن أتى إلى بيت الله، فكل خطوة يرفعه الله بها درجة، ويحط عنه بها خطيئة.
وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أيضاً: (صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه بضعاً وعشرين درجة) أي: أن صلاته في الجماعة في بيت الله سبحانه وتعالى تزيد على صلاته منفرداً في بيته أو في سوقه ببضع وعشرين درجة.
قال صلى الله عليه وسلم موضحاً: (وذلك أن أحدهم إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى المسجد لا ينهزه إلا الصلاة، فلم يخطُ خطوة إلا رفع له بها درجة، وحط عنه بها خطيئة حتى يدخل المسجد، فإذا دخل المسجد كان في الصلاة ما كانت الصلاة هي تحسبه، والملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه، يقولون: اللهم ارحمه، اللهم اغفر، اللهم تب عليه، ما لم يؤذ فيه، ما لم يحدث فيه)، فأي فضيلة أعظم من هذه الفضائل التي ذكرت في هذه الأحاديث.
فصلاة الإنسان في جماعة تضاعف على صلاته وحده ببضع وعشرين درجة، وسبب هذه الدرجات هو أن المسلم قام بأفعالٍ كثيرة وليس مجرد الصلاة فقط، بل إنه توضأ وتطهر وأحسن وضوءه، ثم خرج يمشي من بيته إلى المسجد، فالخطوة الواحدة يرفعه الله عز وجل بها درجة، والأخرى يحط عنه بها خطيئة، وهكذا، لكن بشرط أنك لم تأت إلا للصلاة، وليس من أجل أن تقابل أحداً، أو أن لديك موعد مع إنسان، لا، ولكنك جئت لا تنهزك إلا الصلاة، ولم تدفعك وتحضك على المجيء إلى بيت الله إلا الصلاة، وحب الله سبحانه وتعالى.