[تفسير قوله تعالى:(ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض)]
قال سبحانه:{وَلَوْ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتْ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ}[المؤمنون:٧١]، فالله عز وجل أتى بهذا القرآن العظيم ليرشد الناس، وليهديهم إلى الصراط المستقيم، ولو كان في هذا القرآن ما يتبع أهواء هؤلاء -وحاشا لكلام رب العالمين أن يتبع أهواء أحد من الناس- فمعنى ذلك: أنه ليس من عند الله سبحانه وتعالى، وما هي أهواؤهم؟ هي أن تكون الآلهة متعددة، ولو فكروا قليلاً هل هناك إله غير الله سبحانه وتعالى لتبين لهم قول الله:{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}[الأنبياء:٢٢]، أي: لفسدت السماوات والأرض، فسيكون هذا الإله يريد الشمس أن تشرق من المشرق، والثاني يريدها تشرق من المغرب، والأول يريد القمر هنا والثاني يريده في مكان آخر، وعندئذٍ ستتغير السماوات وتفسد، ولكن لما لم يحدث هذا في السماوات ولا في الأرض، ولم يفسد أي منهما، دل ذلك على أن الإله الذي يدبرها إله واحد، وهذا دليل التمانع.
قال سبحانه:{وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ}[المؤمنون:٧١]، أي: لو جاء في القرآن ما يهواه هؤلاء وما يريدونه لكان هناك إله غير الله سبحانه، وحاشا لله سبحانه، فلو كان هناك إله مع الله لفسدت السماوات والأرض، وفسد الكون، ولكن لم يحدث ذلك، فالقرآن يأتينا بالحق من عند رب العالمين وليس بما تريده أهواء هؤلاء، قال تعالى:{بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ}[المؤمنون:٧١]، أي: أتيناهم بفخرهم وبشرفهم وبعزهم وهو القرآن لو اتبعوه، ولكنهم أعرضوا عنه (فهم عن ذكرهم معرضون)، وشرف الدنيا والآخرة هو كتاب رب العالمين، وما جاءنا به من هدى من عنده سبحانه، فمن اتبعه كان له الشرف والعزة في الدنيا وفي الآخرة، ولكنهم أعرضوا عن القرآن فاستحقوا الهوان في الدنيا وفي الآخرة.
نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.