يخبرنا الله تبارك وتعالى في هذه الآيات من سورة القصص، كيف أن موسى عليه الصلاة والسلام، خرج من مصر هارباً من فرعون متوجهاً إلى الشام، وهو لا يعرف طريقه، لكن خرج متوكلاً على الله سبحانه تبارك وتعالى، داعياً ربه أن يهديه سواء السبيل، وكان سبب خروجه كما ذكرنا من قبل أن رجلاً من آل فرعون أتى مسرعاً محذراً له من فرعون وقومه أنهم يأتمرون ويتشاورون فيما بينهم على قتل موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام.
فقال:{إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ}[القصص:٢٠]، أي: أنا ناصح لك، فاخرج من هذه البلدة إنهم يريدون قتلك، فأخذ موسى الخبر ونفذ الأمر وخرج صلوات الله وسلامه عليه خائفاً ممن هم وراءه من فرعون وقومه، متوجساً يراقب الطريق في خروجه، ويلتفت حوله من الخوف هل يدركونه أم أنهم لا يرونه.
فقال موسى داعياً ربه:{رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}[القصص:٢١]، وتوجه حيث وجهه الله سبحانه وتعالى، وحتى ذلك الحين لم يكن قد صار نبياً بعد إلا في علم الله سبحانه وتعالى، ولم يكن قد أعلمه الله سبحانه أنه يكون نبياً، ولم يكن قد أرسل إلى القوم بعد.