للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[كتابة آثار المكث في المسجد]

جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صلاة أحدكم في جماعة تزيد على صلاته في سوقه وبيته بضعاً وعشرين درجة).

فمن يصلي في مسجده صلاة الجماعة تزيد على صلاته لوحده في بيته ومحله وسوقه بعضاً وعشرين درجة.

ويعلل النبي صلى الله عليه وسلم هذه الزيادة بقوله: (إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد لا ينهزه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفع بها درجة أو حطت عنه بها خطيئة، والملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه).

هذا فضل عظيم من الله عز وجل، كل خطوة تخطوها إلى بيت الله سبحانه يمحو بها عنك خطيئة ويرفع لك بها درجة، وقال: (والملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه).

أيضاً: وأنت آت للمسجد أنت في رحمة من الله سبحانه، ولك حكم المصلي كما جاء في الحديث: (إذا أتيتم الصلاة فأتوها وأنتم تمشون ولا تأتوها وأنتم تسعون؛ ولا يزال أحدكم في صلاة ما دام متوجهاً إلى الصلاة)، فحكمك وأنت خارج من بيتك إلى المسجد كأنك في صلاة، وأنت بداخل المسجد جالس تنتظر الصلاة في صلاة، وإن انتهت الصلاة وأنت جالس تذكر الله عز وجل أنت أيضاً في صلاة، والملائكة تحوطك وتدعو لك.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (والملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه، تقول: اللهم صل عليه، اللهم ارحمه)، تدعو له الملائكة أن يثني الله عز وجل عليه، أن يصلي الله عز وجل عليه، أن يرحمه الله سبحانه (ما لم يحدث فيه)، يعني: ما دام على وضوء في بيت الله عز وجل فحكمه أنه كالذي يصلي، والملائكة تدعو له، قال: (ما لم يحدث فيه، ما لم يؤذ فيه).

أي: له هذه الفضيلة وهو في المسجد، ولكن ليست له هذه الفضيلة إذا كان على غير وضوء، أو على وضوء لكن كان شغله الشاغل أذية الناس ومضايقتهم، فهو يشاغل هذا، ويرفع صوته على هذا، ويناوش هذا، فهذا لا يستحق أن تدعو له الملائكة.

لذا فإن أدب النبي صلوات الله وسلامه عليه في المسجد: أن نتذكر أن المسجد ممتلئ بملائكة الله سبحانه، والملائكة تدعو للمصلين: اللهم صل عليهم، اللهم اغفر لهم، اللهم ارحمهم، فهي تدعو لكم ما دمتم جالسين لذكر الله سبحانه على وضوء لا تؤذون أحداً في بيت الله تبارك وتعالى.

الغرض: أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر في الحديث أن كل خطوة لك أجر فيها، يمحو الله عز وجل عنك بها سيئة، ويرفع لك درجة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>