[تفسير قوله تعالى:(ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون)]
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين أما بعد: قال الله عز وجل في سورة فصلت: {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}[فصلت:١٩ - ٢١].
لما ذكر الله سبحانه وتعالى تكذيب الأمم السابقة بأنبيائهم عليهم وعلى نبينا الصلاة السلام وكيف أخذهم الله سبحانه بالعذاب في الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى من عذاب الدنيا، أخبرنا سبحانه وتعالى عن حال المؤمنين أنه سينجيهم في الدنيا وفي الآخر بفضل تقواهم، قال:{وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}[فصلت:١٨]، فالمؤمن التقي يحبه الله سبحانه وتعالى، وينجيه من الفتن، ومن العذاب في الدنيا وفي القبر وفي الآخرة.
يقول سبحانه:{وَيَوْمَ}[فصلت:١٩].
كأنه يقول: اذكر هذا اليوم، وهو القيامة {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ}[فصلت:١٩]، وقد عذبهم الله عز وجل في الدنيا فقد أهلك قوم نوح وعاد وثمود، وأخبر أن عذاب الآخرة أخزى من عذاب الدنيا، وأشد إهانة فإنه في يوم القيامة يذلهم ويخزيهم ويدخلهم النار، ومعنى يحشرهم، أي: يجمعهم، وهذه قراءة الجمهور، وقرأها نافع ويعقوب {وَيَوْمَ نحْشَرُ أَعْدَاءَ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ}، بنون العظمة، فيأمر الله عز وجل الملائكة بجمع هؤلاء من الموقف يوم القيامة، فيساقون إلى النار، وقبل أن يدخلوا النار يحبس أولهم حتى يجتمع إليهم آخرهم، ثم يقذفون جميعاً في نار جهنم ليلقى أكابرهم أولاً ثم أتباعهم والعياذ بالله.