فقد مدحهم الله سبحانه بأنهم صبروا على أوامر كتبهم، وصبروا على ما جاء في القرآن العظيم فتابعوا النبي صلى الله عليه وسلم، وصبروا على ما ابتلاهم الله عز وجل به في الدنيا من أذى الكفار، وصبروا على الطاعة وصبروا عن المعصية، فلهم أجرهم مرتين عند الله سبحانه وتعالى.
وقد عرفنا من القرآن أن الحسنة بعشر أمثالها، وهؤلاء حسناتهم مضاعفة، فلهم أجران وكل من الأجرين مضاعف إلى ما يشاء الله سبحانه وتعالى.
فإن كان غيرهم يضاعف له إلى عشرة أمثاله فهؤلاء إلى عشرين، وإن كان غيرهم إلى سبعمائة ضعف فهؤلاء إلى ألف وأربعمائة ضعف، وإذا كان غيرهم إلى أكثر من ذلك فهؤلاء يضاعف لهم مرتين.
قيل: بسبب أنهم صبروا في دينهم وتابعوا الحق، ووحدوا الله، ولم يشركوا بالله، فكانوا قد أوذوا في دينهم؛ لأن النصارى اختلفوا إلى فرق، فالفرقة التي وحدت الله سبحانه وتعالى صارت منبوذة بينهم، والذين أشركوا وقالوا المسيح ابن الله، وقالوا اتخذ الله الصاحبة والولد، هم الذي غلبوا فآذو الموحدين، فصبروا على ذلك في دينهم فلما جاء الإسلام دخلوا في دين النبي صلى الله عليه وسلم، فابتلوا وصبروا على ذلك فكان لهم الأجر المضاعف.