قال الله:{ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ}[الروم:٣٨] أي: ذلك الإعطاء والإيتاء خير للذين يريدون وجه الله، ما قال: ذلك خير للناس كلها، فيوجد إنسان يعطي يبتغي الدار الآخرة، وإنسان يعطي من أجل الدنيا، فمن ابتغى الدار الآخرة فهذا الذي له الخير، ومن يبتغي الدنيا قد يحصل له ما يريده وقد لا يحصل له، وهذا يوضحه الآية التي تليها، والقرآن في تسلسل الآيات عجيب وعظيم وجميل، تجد الآية مرتبطة بما قبلها وما بعدها! فانظر إلى التمهيد الذي ذكره الله عز وجل في أنه هو الذي يعطي، وهو الذي يبسط الرزق، وهو الذي يقدر الرزق، والإنسان طبيعته أنه كنود، إذا أعطاه الله المال فرح، وإذا ضيق عليه حزن وجزع، فهنا يقول لك: أعط هذا المال ولا تخف؛ فإن الله هو الذي يبسط الرزق، وهو الذي يضيق على من يشاء.
فالذي يبتغون وجه الله بالإعطاء أولئك هم المفلحون، ينجحون النجاح الأبدي، وفرق بين نجح وأفلح، النجاح قد يكون في الدنيا وقد يكون في الآخرة، ولكن الفلاح لا يكون إلا في الآخرة، الفلاح هو النجاح الدائم الذي لا خسران بعده أبداً، نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من المفلحين.