لما دعا نوح قومه إلى الله عز وجل، وكانوا غلاظاً ذا شدة وقسوة في قلوبهم، رفضوا دعوة نوح عليه السلام، قال الله تعالى:{وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ}[هود:٤٠]، فشكا نوح إلى ربه:{قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا * ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا * فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}[نوح:٥ - ١٢].
ودعاهم بالترغيب وبالترهيب، ثم أنكر عليهم مستغرباً متعجباً من صدودهم وإعراضهم:{مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا}[نوح:١٣] أي: أين ذهبت عقولكم فتعبدون تماثيل لا تنفع ولا تضر، وتنسون ربكم سبحانه وتعالى ولا توقرونه؟! {مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا * أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا}[نوح:١٣ - ١٥]، إلى آخر ما ذكره نوح لقومه وهو يدعوهم إلى الله عز وجل، فرفضوا أن يطيعوه، وكان جوابهم:{لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ}[نوح:٢٣] أي: انتبهوا أن تتركوا الآلهة وتذهبوا إلى نوح.
فأوصى الآباء والأجداد الأبناء والأحفاد بذلك، وحذروهم من ترك الآلهة:{لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا * وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا}[نوح:٢٣ - ٢٤] أي: أنهم ضلوا وأضلوا، وعبدوا غير الله سبحانه تبارك وتعالى.