تفسير قوله تعالى: (ومن يفعل ذلك يلق أثاماً ويخلد فيه مهاناً)
يقول الله سبحانه: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ} [الفرقان:٦٨]، يعني: من الشرك بالله، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، والزنا {يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان:٦٨]، يعني: يجد العذاب الشديد من الله سبحانه وتعالى، وقوله تعالى: {أَثَامًا} [الفرقان:٦٨]، أي: عقوبة الإثم، وقالوا: هو واد في قعر جهنم جعله الله عز وجل للكفرة وأشباههم.
فهؤلاء الذين يقعون في هذه الكبائر يقعون في هذا الوادي في نار جهنم والعياذ بالله، أو يجدون عقوبة إثمهم.
قال تعالى: {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ} [الفرقان:٦٩]، أي: من يفعل ذلك، يعني: كل من يفعل ذلك.
قال سبحانه: {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} [الفرقان:٦٩]، وقوله: {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ} [الفرقان:٦٩]، قرئت بالسكون على الجزم عطفاً على: {يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان:٦٨]، الذي هو جواب الشرط، فكلمة (يضاعف) معطوفة عليه فهي مجزومة، وقرئت بالرفع على الحال والاستئناف.
وقوله: {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ} [الفرقان:٦٩]، وقرئت: (يضاعفُ) وقرئت بالتضعيف: ((يضعّفْ لَهُ الْعَذَابُ))، وقرئت أيضاً: ((يُضَعَفْ لَهُ الْعَذَابُ))، فيكون هناك أربع قراءات في هذه الكلمة.
فقراءة نافع وأبي عمرو وحفص عن عاصم وحمزة والكسائي وخلف: {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} [الفرقان:٦٩].
وقراءة شعبة عن عاصم: (يُضَاعَفُ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا)، بالرفع فيها، وقراءة ابن كثير وقراءة أبي جعفر وقراءة يعقوب: ((يُضَعَّفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا)).
والقراءة الباقية وهي قراءة ابن عامر: ((يُضَعَّفُ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا)).
أيضاً كلمة: {فِيهِ مُهَانًا} [الفرقان:٦٩]، فيها قراءتان: قراءة بالوصل والإشباع، {فِيهِ مُهَانًا} [الفرقان:٦٩]، وهي قراءة حفص عن عاصم وكذلك ابن كثير، كأن فيها ياء في آخرها، {وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} [الفرقان:٦٩].
أما باقي القراء فيقرءونها بالكسر فقط، {وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} [الفرقان:٦٩]، فكلمة: {فِيهِ} [الفرقان:٦٩]، نجد في المصحف أنها مسكورة وبعدها ياء مقلوبة أي في أعلى الهاء، فمعناها: أنك تقرأ بالياء.
والمعنى: أن الله عز وجل يضاعف العذاب يوم القيامة على الذين يشركون بالله، ويأتون الكبائر، ويجعلهم خالدين في نار جهنم في هذا العذاب الشديد، فهم يستحقون الهوان، ويستحقون الإهانة في نار جهنم.
وإذا استغاثوا بربهم قال لهم: اخلدوا فيها، امكثوا فيها، قال تعالى: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون:١٠٨].
فقوله تعالى: {اخْسَئُوا فِيهَا} [المؤمنون:١٠٨]، مثل ما يقال للكلب: اخسأ، فيقال لأهل النار والعياذ بالله: اخسئوا، فيعاملون معاملة الكلاب وهم في نار جهنم، نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.