[تفسير قوله تعالى:(ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء)]
{وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ}[الفرقان:٤٠]، أي: رأوا هذه القرية قرية قوم لوط وهم ذاهبون إلى الشام، فهم يرون ويعرفون أن هنا مكان قوم لوط، أهلكهم الله، وجعل مكانهم بحيرات مالحة متعفنة، ويعرف المارة هناك أن الله عز وجل أهلك قوم لوط وأخذهم أخذ عزيز مقتدر؛ لتكذيبهم رسولهم عليه الصلاة والسلام، ولإتيانهم الفاحشة، فكان الرجال يقعون في الرجال، فأهلكهم الله سبحانه، وأمطر عليهم مطر السوء، وهو المطر السيئ الشديد، فليس من جنس المطر الذي نعرفه، وإنما مطر من نار جهنم، فأتتهم حجارة من السماء، فأهلكهم الله بهاِ:{جَزَاءً وِفَاقًا}[النبأ:٢٦]، وهم حتى الآن يرون هذه القرية ويعرفون مكان قوم لوط الذين أهلكهم الله عز وجل بفلسطين، قال تعالى:{أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لا يَرْجُونَ نُشُورًا}[الفرقان:٤٠].
يعني: أن الكفار كانوا لا يخافون من ربهم ولا يرجون أن يحشروا يوم القيامة؛ لذلك لا يتذكرون ولا يعترفون بالأمم السابقة، ويقولون:{مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ}[الجاثية:٢٤].
وقد عرف هؤلاء الكفار إبراهيم النبي عليه الصلاة السلام، وعرفوا أنه أبو الأنبياء، وأنه جدهم عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك كذبوا محمداً صلوات الله وسلامه عليه، ولم يرجوا النشور والبعث يوم القيامة، وإنما يفتخرون لأنهم في أرض إبراهيم وأن عندهم الكعبة، ويطوفون ويشركون بالله سبحانه، ولا ينتظرون النشور يوم القيامة، فقال الله عز وجل:{بَلْ كَانُوا لا يَرْجُونَ نُشُورًا}[الفرقان:٤٠]، فيستحقون العذاب.
نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.