للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[كرم الله سبحانه واستجابته للدعاء على أي وجه من الوجوه]

جاء في الحديث الذي رواه الترمذي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من لم يسأل الله يغضب عليه).

انظر إلى كرمه سبحانه وتعالى، يقول لك: اطلب مني، وإذا لم تطلب مني فسأغضب عليك، فأنت تطلب من الإنسان ما تحتاج إليه فتقول: يا فلان! أعطني كذا، فيكون كريماً، وتطلب منه مرة ثانية فيكون كريماً، وتطلب منه مرة ثالثة فيقول لك: ليس كل مرة تأتيني وتطلب مني! فالعبد يغضب إن طلبت منه الشيء، والرب سبحانه يغضب إن لم تطلب منه سبحانه وتعالى، ولذلك الإنسان المؤمن يعرف أن له رباً كريماً سبحانه وتعالى، يعطي سبحانه عطاء عظيماً، وعطاؤه الشيء كن فيكون، وخزائن الله عز وجل ملأى لا تغيظها نفقة، فعلى المؤمن أن يكثر من الدعاء، فالدعاء ينفعه في الدنيا والآخرة، فهو توحيد لله سبحانه وتعالى.

والله يستجيب للعبد على وجه من الوجوه التي كلها خير، فإما أن يعطيه هذا الذي سأله، أو يصرف عنه من الشر بقدر ما طلبه من الخير، أو يدخر ذلك له ويجعلها جبالاً من الحسنات يجدها يوم القيامة عند الله سبحانه وتعالى، فلا تعدم خيراً في الدعاء مهما دعوت ومهما سألت الله فكن على يقين بالإجابة على وجه من هذه الوجوه، وكن على ثقة في الله سبحانه أنه كريم جواد يستحيي من عبده إذا رفع يديه أن يردهما صفراً، ومستحيل أن ترفع يديك وتقول: يا رب! ويردك ولا يستجيب لك، بل لابد أن يعطيك من فضله ومن كرمه سبحانه، فهو أعلم بالخير، فلا تقل: إني أدعو وربي لا يستجيب لي، فلعل هذا الذي تطلبه ليس فيه الخير لك، فإذا صرفه الله عز وجل عنك فثق أن الخير في غيره وليس فيه.

ولذلك علمنا النبي صلى الله عليه وسلم الاستخارة في الأمور كلها، فالاستخارة دعاء تطلبه من ربك، حيث إنك لا تطلب شيئاً بعينه، بل تقول: يا رب! اختر لي، إذا كان هذا الشيء فيه خير لي فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كان فيه شر لي فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به.

فالمؤمن يرضى بما يرضى الله عز وجل به.

وقوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:٦٠] هذه قراءة الجمهور، وقراءة ابن كثير: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونيَ أَسْتَجِبْ لَكُمْ).

<<  <  ج:
ص:  >  >>