[أحوال الرياح وأقسامها، وبيان وجل النبي صلى الله عليه وسلم منها]
قال تعالى:{وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا}[الفرقان:٤٨]، وهذه قراءة الجمهور، وقرأها ابن كثير:{وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيْحَ نُشُرَاً بَيْن يَدَي رَحْمَتِه}[الفرقان:٤٨]، وهذه من ضمن من يقرأها:(نُشراً) فذكر الله عز وجل الرياح والريح على القراءة الأخرى.
وفيه دليل: على أن الرياح والريح تتعاقبان في المعنى الواحد، ومن فرق بقوله: إن الرياح تأتي بالخير، والريح تأتي بالشر فقد جاء بتفرقه غير صحيحة؛ لأن كلمة الرياح في القرآن كله منهم من قرأها:(الرياح)، ومنهم من قرأها:(الريح)، فالله عز وجل يرسل الريح بشراً بين يدي رحمته، ويرسل الرياح أيضاً بشراً بين يدي رحمته، فالريح والرياح تأتيان بالخير، وتأتيان بما يشاء الله سبحانه، وقد كان النبي صلوات الله وسلامه عليه يحدث له شيء من الانزعاج إذا هاجت الريح فيقبل ويدبر، ويدخل ويخرج، فلما سألته السيدة عائشة رضي الله عنها عن ذلك؟ قال:(ما يؤمنني! فلقد رأى قوم السحاب في السماء فقالوا: هذا عارض ممطرنا)، وهم: قوم عاد، فما كان عارضاً ولا سحابة وإنما كانت نيراناً من السماء أهلكت القوم جميعهم، فكان إذا أمطرت السماء سر النبي صلوات الله وسلامه عليه وهدأ روعه.