يقول سبحانه:{فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}[الروم:٤٨] هذه نعمة رب العالمين سبحانه، فالناس إذا كانوا في جدب يطلبون من الله المطر، فيبذر بذره ثم ينتظر رحمة رب العالمين، ومن يذهب إلى البلدان التي يعتمد أهلها على المطر يرى حال الناس ونظرهم إلى السماء راجين نزول القطر من السماء، وينتظرون رحمة الله سبحانه، فينزل المطر من السماء فإذا بالأرض تنبت وتخرج ما أودعه الله سبحانه وتعالى بداخلها، قال تعالى:{إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}[الروم:٤٨]، أي: إذا أصاب به من يشاء من عباده {إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}[الروم:٤٨].
وقد جاء حديث في صحيح مسلم يخبرنا فيه النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء من هذه الرحمة العظيمة من فضل الله سبحانه وتعالى، يخبر عن رجل يسير ويرى سحابة فوقه ويسمع فيها صوتاً، اسق أرض فلان -ويسمع الرجل الصوت من السحابة- اسق أرض فلان، فيتعجب هذا الإنسان! وينظر إلى السحابة ويراقبها فإذا بها تسير والرجل يسير وينظر أين ستسقي هذه الأرض، إلى أن رأى السحابة تتجمع في مكان بين مكانين مرتفعين، وتنزل المطر على هذا المكان، فيجتمع المطر في مكان واحد، ثم يسيل كله والرجل يمشي وراءه ويتتبعه حتى وصل إلى أرض إنسان يسقي هذا الماء من ماء المطر، فيذهب إلى صاحب الأرض ويسأله: ما اسمك يا عبد الله؟ يقول: أنا فلان، لم تسألني عن اسمي؟ قال: لأني سمعت في هذه السحابة الذي هذا ماؤها صوتاً يقول: اسق حديقة فلان، فتتبعته فوجدته إلى هنا، ما الذي تصنع فيها؟ يقول الرجل: أما إن قلت لي ذلك، فإني أزرع أرضي وآخذ ما يخرج منها فأقسمه أثلاثاً: ثلثاً أتصدق به، وثلثاً آكل منه أنا وعيالي، والثلث الثالث أجعله في الأرض، فهذا الرجل كان يقسم الأرض بينه وبين ربه سبحانه وبين الأرض نفسها، فثلث يرجعه في الأرض يزرعه مرة أخرى، وثلث ينفقه على الفقراء والمساكين لله عز وجل، وثلث ينفقه على نفسه وعياله، ومن كان بهذا الشأن لا يضيعه الله سبحانه وتعالى، ولقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:(ما نقص مال من صدقة)، فالله عز وجل جعل له هذه الآية العظيمة؛ ليرينا آية من آياته سبحانه وتعالى.
قال تعالى:{فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}[الروم:٤٨] أي: تأتيهم البشرى فتراهم يفرحون، ويظهر عليهم أثر هذه البشارة من سعادة وفرح.