[علو الله فوق عرشه وقربه من العبد إذا دعاه فيستجيب له]
وانظر إلى قوله:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ}[البقرة:١٨٦] ولم يقل فقل: إني قريب، ولكن أعجل من ذلك الجواب من الله عز وجل، فالله سبحانه وتعالى قريب من عباده.
وجاء في سبب نزولها: أن بعض الصحابة سألوا: أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ والنجوى: حديث السر، فنزل القرآن يجيب عن ذلك، قال تعالى:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ}[البقرة:١٨٦]، والله فوق سماواته، وهو فوق عرشه سبحانه وتعالى، ومستو على عرشه، بائن من خلقه، والسماوات بعيدة عن الأرض، وسمك كل سماء مسيرة خمسمائة سنة، وما بين السماء والتي تليها كذلك، وفوق السموات السبع كرسي الله سبحانه، وفوق ذلك عرش الله سبحانه وتعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ما السماوات والأرضون بجوار الكرسي إلا كحلقة في فلاة)، وقال تعالى:{وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ}[البقرة:٢٥٥] وأوسع من ذلك وأعظم عرش الرحمن، وما الكرسي بجوار العرش إلا كحلقة في فلاة، ومع ذلك كله فهو القريب سبحانه، قال تعالى:{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}[ق:١٦]، فهو قريب بسمعه وبصره واستجابته وقدرته سبحانه وتعالى، فالله يحكم في عباده ويفعل ما يشاء، ويحكم بما يريد، وهو أقرب لعباده من حبل الوريد بسمعه وبصره وقدرته سبحانه، وبلطفه بعباده، وبرحمته وحنانه سبحانه وتعالى.
وقوله تعالى:{أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}[البقرة:١٨٦] أي: كل داع يدعو ربه فالله يستجيب له سبحانه وتعالى، وقوله:{فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي}[البقرة:١٨٦] أي: فليدخلوا في ديني: {وَلْيُؤْمِنُوا بِي}[البقرة:١٨٦] أي: وليصدقوا بما جئتهم به من كتاب، وبما أنزلت في هذا الكتاب من أحكام، ومن أوصاف للرب سبحانه وتعالى، {وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}[البقرة:١٨٦].