قال الله تعالى حاكياً عن فرعون حين رأى هذه الآية:{قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ}[الشعراء:٣٤]، فليس هناك شيء نافع مع فرعون، فقد جادله موسى بالحجة العقلية فلم يرض بذلك، ثم بالحجة البينة المنطقية فلم يفهم، ثم بهذه الآية الحسية التي أمامه فيقول: هذا ساحر مبين، قال تعالى:{قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ}[الشعراء:٣٤]، وصدقوه، كما قال تعالى:{قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ}[الأعراف:١٠٩].
ففرعون قال ذلك، والملأ قالوا ذلك مجاملة لفرعون، فقالوا: هذا ساحر يضحك علينا ويسحرنا، قال تعالى:{إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ}[الشعراء:٣٤ - ٣٥]، فكان فرعون يقول لقومه: إن هذا ساحر قد علم السحر ووصل فيه إلى درجة عالية جداً، وهو يريد أن يخرجكم من أرضكم؛ لكي يثوروا على موسى عليه الصلاة والسلام.
وقوله تعالى:{فَمَاذَا تَأْمُرُونَ}[الأعراف:١١٠]، فيجعل بقوله هذا نفسه عاملاً بالشورى، فهو يطلب منهم المشورة بعد أن استبد برأيه في الرد على موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام، ولم يترك أحداً يرد، وفي النهاية قال: ساحر، ثم أخذ يتواضع للناس فقال:{فَمَاذَا تَأْمُرُونَ}[الأعراف:١١٠].