قال صلى الله عليه وسلم هنا في الحديث:(إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك) أي: بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم ليختبره ويختبر الخلق به صلوات الله وسلامه عليه.
قال:(وأنزلت عليك كتاباً لا يغسله الماء، تقرؤه نائماً ويقظاناً)، إنما بعثتك لأبتليك ابتلاء، فهل تصبر على الرسالة أو لا تصبر؟ وأبتلي بك الناس وأختبرهم هل يستجيبون لك ويؤمنون بك حينما يروا الآيات والمعجزات معك أو لا يؤمنوا؟ فأنت مبتلى وهم مبتلون.
قال:(وأنزلت عليك كتاباً لا يغسله الماء)، وهذا الكتاب العظيم القرآن الكريم، فقد كانت الكتب السابقة تكتب فقط ولا يوجد من أصحاب الديانات السابقة من يحفظ كتاب الله سبحانه، إلا ما يكون من الأنبياء المعصومون عليهم الصلاة والسلام، ولكن سائر أصحاب الأديان ما كانوا يحفظون كتبهم، وإنما الكتب تكتب بالأحبار، فإذا أرادوا أن يبدلوا أو يغيروا مسحوا وكشطوا وكتبوا ما يريدون، إلا هذا القرآن العظيم فلا يغسله الماء أي: أن هذه معجزة من معجزات هذا القرآن العظيم، وهي أن المسلمين يحفظونه من عهد النبي صلوات الله وسلامه عليه، يأخذه اللاحق عن السابق حفظاً ومشافهةً وكتابةً أيضاً، فإذا محي من الكتب فهو محفوظ في الصدور لا يمحى منها إلا بأن يقبض الله عز وجل العلماء كما جاء في الحديث أو عند قرب الساعة فمن العلامات الكبرى أنه يرفع كتاب الله عز وجل، نسأل الله العفو والعافية.