[تفسير قوله تعالى:(الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم)]
هؤلاء المخبتون المتواضعون الخشع من المؤمنين من صفاتهم:{الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}[الحج:٣٥]، فذكر الله أربعة أوصاف لهؤلاء المخبتين المؤمنين المطيعين لله سبحانه تبارك وتعالى، فمن أوصافهم: أنهم إذا ذكر الله وجلت قلوبهم، والوجل: شدة الخوف والرهبة من الله سبحانه تبارك وتعالى، فالمؤمن إذا ذكر الله يهتز قلبه ويقشعر جلده ويخاف من الله سبحانه تبارك وتعالى، وعلم أنه ملاق ربه فاستعد ليوم الحساب والجزاء.
وقد حصر الله عز وجل هذا الوصف في المؤمنين فقال:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}[الأنفال:٢ - ٣]، وهنا ذكر هذه الأوصاف فقال:{الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ}[الحج:٣٥]، وقال الله سبحانه تبارك وتعالى في سورة الزمر:{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}[الزمر:٢٣] فالمؤمنون صادقون مع الله سبحانه يخافون ربهم، يقرءون القرآن فتقشعر جلودهم وأبدانهم، وتلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله، فهم يعودون ويرجعون إلى الله سبحانه تبارك وتعالى، وكلما سمعوا ذكر الله اهتزت قلوبهم، فلما ذكروا الله ذكروا عذابه فخافوا، وذكروا رحمته فلانوا لله سبحانه تبارك وتعالى، {ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}[الزمر:٢٣].