في هذه الآيات العظيمة من هذه السورة يقرر الله عز وجل أمر العقيدة الإسلامية التي هي دين الله عز وجل ودين الرسل جميعهم عليهم وعلى نبينا الصلاة السلام، فالله عز وجل أرسل الرسل يدعون الخلق إلى توحيد الله سبحانه وتعالى، فيذكرهم بربوبيته، وأنه الذي يخلق ويرزق، وأنه خالق كل شيء، وأنه الفعال لما يريد، وأن الذي يخلق هو الذي يرزق وهو الذي يحكم بين عباده، وهو الذي يحاكم عباده ويحاسبهم فيدخلهم الجنة أو يدخلهم النار سبحانه وتعالى، فهذا الرب سبحانه هو وحده الذي يفعل ذلك، فإذا أمر وجب على العباد أن يطيعوا أمره سبحانه وتعالى، {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ}[الأعراف:٥٤].
ومن مقتضيات ربوبيته سبحانه أنه يخلق وحده سبحانه وتعالى، وأنه وحده يحكم بين عباده فيما فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، وهو الذي يشرع لعباده سبحانه، فهو الحكم، وهو الحكيم، وهو الحاكم سبحانه وتعالى يحكم بين عباده، وهذا كله من مقتضيات ربوبيته.
وما ذكره الله سبحانه وتعالى في الآية هو من مقتضى ألوهيته سبحانه، بأن ينفذ العباد ما يحكم به الله سبحانه وتعالى، فيعبدونه ويقيمون شرعه سبحانه وتعالى، فهنا بيان أنه الإله الذي يستحق العبادة بأفعال المخلوقين، وبيان أنه رب لأفعال منه سبحانه وتعالى، فهو رب يفعل ما يريد سبحانه، وهو إله يستحق أن يعبده كل الخلق، ومن ألوهيته أن يتوجه إليه بالعبادة سبحانه وتعالى، يقرر الله هذا المعنى العظيم بما يذكره سبحانه وتعالى من آياته ونعمه وفضله على عباده سبحانه وتعالى، ذلكم الله ربكم سبحانه وتعالى، لا إله غيره، ولا رب سواه، فإذا خلق وجب على العباد أن يعبدوه وأن يشكروه، وإذا رزق وجب على العباد أن يحمدوه وأن يشكروه سبحانه وأن يذكروه، فأفعاله منه سبحانه تستوجب على العباد أفعالاً يفعلونها ليوحدوا ربهم سبحانه وحده لا شريك له.