للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تفسير قوله تعالى: (فتقطعوا أمرهم بينهم زبراً)

يبين لنا الله في الآية التي بعدها ماذا عمل العباد فقال تعالى: {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [المؤمنون:٥٣]، أي: إذا بهم يتفرقون في دين الله، فهذا يعبد الله وهذا يشرك بالله، وتأتي كتب الله عز وجل تدعو الناس، ولا ينظرون إلى المتأخر من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ويتبعونه، وشريعة نبينا صلى الله عليه وسلم هي التي نسخت كل الشرائع من قبله، قال تعالى: {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا} [المؤمنون:٥٣] أي: قطعاً، والزبر: جمع زبور وهو الكتاب، وكأن كل واحد فرح بالكتاب الذي عنده ولم ينظر إلى ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فلم يتبعه، ففرحوا بما عندهم.

قال تعالى: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [المؤمنون:٥٣]، فالله سبحانه ينهى الأمة عن التفرق ويأمر الجميع أن يستجيبوا للنبي صلى الله عليه وسلم، ولأمة النبي صلى الله عليه وسلم، وأمة الدعوة، فهؤلاء صاروا نصارى، وهؤلاء الصابئة، وهؤلاء عباد الكواكب والنجوم، وهكذا، وأمة النبي صلى الله عليه وسلم اختلفوا أيضاً، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اختلفت اليهود على إحدى وسبعين ملة، واختلفت النصارى على ثنتين وسبعين ملة، وستختلف أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلها في النار إلا واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: هي الجماعة)، أو قال: (هم من كانوا على مثل ما أنا عليه وأصحابي)، أو قال: (ما أنا عليه وأصحابي)، والذي عليه النبي صلى الله عليه وسلم هو كتاب ربه وسنته عليه الصلاة والسلام، فمن تمسك بذلك كان من الفرقة الناجية.

نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من أتباع النبي صلى الله عليه وسلم الذين هم الفرقة الناجية، ونسأل الله عز وجل العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.

وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

<<  <  ج:
ص:  >  >>