للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (فتولوا عنه مدبرين)]

قال تعالى: {فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ} [الصافات:٩٠]، أي: ذهبوا مهرولين تاركين له؛ لئلا يكون فيه مرض معدٍ يعديهم، وتركوه في هذا المكان وحده عليه الصلاة والسلام، فكسر أصنامهم.

قال تعالى: {فَرَاغَ} [الصافات:٩١] راغ يروغ روغاً وروغاناً بمعنى: يميل ويتحرك بخفة، فتحرك إبراهيم سريعاً إلى هذه الأصنام، وراغ ومال عليها.

قال تعالى: {فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ} [الصافات:٩١]، يتهكم ويسخر من هذه الأصنام، وكانوا قد وضعوا طعاماً عند هذه الأصنام؛ لتحصل البركة لهذا الطعام حتى يرجعوا ويأكلوا منه.

فقال ساخراً من قومه ومن أصنامهم: {أَلا تَأْكُلُونَ} [الصافات:٩١] أي: الطعام موضوع، فهل تأكلون من هذا الطعام؟ فقال: {مَا لَكُمْ لا تَنطِقُونَ} [الصافات:٩٢]، وقد علم واستيقن أنهم لا ينطقون، ولكن على وجه الاستهزاء من هذه الآلهة الباطلة التي لا تنفع نفسها فضلاً عن غيرها.

قال تعالى: {فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ} [الصافات:٩٣] أي: سريعاً جرى إليهم بفأس بيده عليه الصلاة والسلام، وكسر هذه الأصنام جميعها، {إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ} [الأنبياء:٥٨].

فكان يقصد السخرية من هذه الأصنام وبعقول قومه حين يسألونه: من صنع هذا بآلهتنا؟ {إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء:٥٩]، فإن كان هؤلاء يأكلون ويشربون ويعقلون، فإن هذا الكبير هو الذي فعل ذلك.

<<  <  ج:
ص:  >  >>