للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تفسير قوله تعالى: (فأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً)

قال تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ} [فصلت:١٦] أي: أرسل الله عز وجل عليهم الريح في: {سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ} [الحاقة:٧] فنزلت عليهم هذه السحابة بالعذاب من عند الله سبحانه تبارك وتعالى، وكانت ريحاً شديدة ليس فيها مطر، وكانت أصواتها عالية، وكانت ريحاً صرصراً، أي: عظيمة البرودة، شديدة الهبوب، وفيها أصوات عالية منكرة من جنس كفرهم واستكبارهم، فقد استكبروا على الخلق، ورفعوا أصواتهم على نبيهم عليه الصلاة والسلام، {وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} [فصلت:١٥] فجاءتهم هذه الريح شديدة الهبوب {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} [الحاقة:٧]، فكانت الريح تأتي على أحدهم فتقلعه من الأرض، وترفعه فينزل على الأرض ميتاً، قال تعالى: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} أي: كجذوع النخل الفارغة، فانظر إلى الريح وصنعها، وانظر إلى هؤلاء الذين شبههم الله بالنخل، فقد كانوا طوال الأجساد أقوياء، فصاروا صرعى على الأرض {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ * فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ} [الحاقة:٧ - ٨] أي: هل ترى أحداً منهم موجوداً الآن؟ لقد ذهبوا كما ذهب من كان قبلهم؛ لأنهم كانوا يجحدون بآيات الله، فكان هذا العذاب في أيام نحسات في الدنيا، وبعد ذلك عذاب الآخرة.

نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.

وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

<<  <  ج:
ص:  >  >>