[تفسير قوله تعالى: (فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون)]
يطمئن الله عز وجل المؤمنين فيقول: {فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [محمد:٣٥].
فيها إخبار أن المؤمن لا بد أن يكون قوياً، {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال:٦٠] لا تركن إلى الضعف، لا تكن ضعيفاً، قال صلى الله عليه وسلم: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍ خير، احرص على ما ينفعك ولا تعجز، إن أصابك شيء لا تقل: لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل).
فيعلم الله عز وجل المؤمن أن اثبت على دينك اعتصم بالله سبحانه تبارك وتعالى احذر من العجز لا تعجز أعد لكل أمر العدة التي تكون له {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال:٦٠]، ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم.
فكلما كان المؤمنون أقوياء خاف منهم الأعداء، لا يخاف العدو من مؤمن مسالم، يقول: نحن في أمن وسلام، ونحن نريد الصلح مع الجميع، الكافر لا يفعل ذلك، لو فكر المسلمون هل الكفار في أمريكا وفي أوروبا وفي غيرها يدعون إلى السلام؟ لو كانوا كذلك ما صنعوا السلاح النووي والمسابقات في حرب النجوم من أجل الصعود إلى الفضاء والسيطرة على الكون، فمن لا يفهم هذا الأمر فهو جاهل.
فالكافر يعيبك ويعيرك بالشيء الذي يفعله هو، فيمدح نفسه به ويذمك أنت عليه، أنت تريد أن تصنع السلاح النووي؟ ماذا تريد أن تفعل بهذا الشيء؟ فإن قيل: أنت عندك نفس هذا الأمر! يقول لك: لا، أنا أعقل منك، أنا في يدي هذا الشيء، لكن أنت حكمك أنك طفل، فممكن أن تلعب بها فتحرقك أما نحن فكبار! ولذلك يفتخر الأمريكيون المدنيون ويقولون: نحن أطول الناس قامة! ما معنى هذا الكلام من هؤلاء؟ نحن أطول الناس قامة أي: ننظر إلى قدام نحن أطول منكم نظراً، والطويل في وسط الناس ينظر قدامه، لكن أنتم صغار لا تنظرون إلى الذين قدامكم، فأنتم تمنعون عن الرؤية، هذا كلامهم.
يستغفلون العرب والمسلمين ويخدعونهم، ويضحكون عليهم بمثل هذا الكلام، ولا يكون معكم سلاح أبداً، نترك لكم إسرائيل في النصف معها كل الأسلحة، والدفاعات التابعة لكم دفاعات قليلة لأجل ألا تفكروا في يوم من الأيام أن تقاتلوها أو تعملوا فيها شيئاً.
انظر إلى الضعف الذي فيه المسلمون! لقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا: أمن قلة نحن يومئذٍ يا رسول الله؟ قال: لا، بل أنتم كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل).
والغثاء: الزبالة، السيل عندما يجري يأخذ الزبالة فتتفوق على السيل الذي يحصل في أي مكان، انظر إلى السيل الذي كان في أندونيسيا، الغثاء كان فوقه فيقول: أنتم غثاء وعدد كثير، ولكن مثل هذه الزبالات التي تكون فوق الماء حين يجرفها، فلا قيمة لها ولا تصنع شيئاً.
(وليقذفن الله في قلوبكم الوهن حب الدنيا وبغض الموت).
المسلمون يتكلمون: نحن مسالمون مثل العجائز والشيوخ الكبار الذين ما لهم حاجة يقولون: دافعوا أنتم عنا واعملوا أنتم ما تشاءون!