قوله:((ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)) أي: ذلك الفضل العظيم من الله الذي يبشر به عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات، بشارة من الله سبحانه وتعالى للمؤمنين، فالمؤمن الذي يتعب نفسه لله سبحانه، ويحسن العمل لله، ويخلص النية لله، يبشره الله بذلك.
وقد تكررت هذه الكلمة في القرآن، وفيها قراءتان:(يُبَشِّر)، و (وَيبْشُر)، أي: يظهر البشرة على وجه المؤمن بما حدث في قلبه من فرح، فالجمهور يقرءونها:((يُبَشِّرُ)) ويقرؤها حمزة والكسائي وفي هذه الآية فقط يقرؤها ابن كثير وأبو عمرو مع حمزة والكسائي: (يَبْشُر)، (يُبَشِّر) للتكثير، تكثير البشارة، و (يبْشُر) يظهر البشر على وجوه المؤمنين بما فرحت قلوبهم.
فقوله تعالى:((ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)) أي: يبشر المؤمنين الذين أتعبوا أنفسهم في الدنيا من أجل دينهم ومن أجل أن يفوزوا برضى ربهم، ومن أجل الجنة عملوا الصالحات.
(قل) لهؤلاء جميعاً: ((لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)) والاستثناء إما أن يكون متصلاً وإما أن يكون منقطعاً، وهذا الاستثناء يسمى: الاستثناء المنقطع، أي: أنه منفصل عما قبله، فلو كان استثناءً متصلاً لقال: أجري عندكم المودة في قرابتي، ولكنه قال: لا أسألكم أجراً، أي: لا أريد منكم أجراً أصلاً، ولكن أطلب منكم أن تراعوا ما بيني وبينكم من القرابة.