قال الله سبحانه عن هؤلاء:{بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ}[الصافات:١٢] مما تقوله لهم، وتذكرهم به.
فقراءة الجمهور:{بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ}[الصافات:١٢]، وقراءة حمزة والكسائي وخلف:(بل عجبتُ ويسخرون) فالله عز وجل يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: تعجب من أمر هؤلاء، والله عز وجل يقول: وأنا أعجب لهؤلاء، والعجب من المخلوق، غير العجب من الله سبحانه وتعالى، العجب من المخلوق أن يندهش لشيء، ويتعجب الإنسان من إنسان آخر كيف يصنع ذلك؟! وكيف يصبر الله عز وجل على مثل هذا الإنسان؟! أما تعجب الله سبحانه إما أن يكون من كفر إنسان وصبر الله سبحانه وتعالى عليه، فهذا الإنسان يستحق أن يعاقب عقوبة شديدة، ولكن الله سبحانه وتعالى يعجب وهو أعلم سبحانه وتعالى، أن هذا مصيره إلى النار، فيعجب مما يصنعه هذا الإنسان، وقد يعجب من إنسان يفعل شيئاً طيباً وهو إنسان، والله يعجب ويضحك ويفعل ما يشاء سبحانه، فنؤمن بصفة الله على النحو الذي يليق به سبحانه وتعالى، فنقول: يعجب مع كمال علمه سبحانه وتعالى.
إذاً: الفعل من الله عز وجل له معنى يليق به سبحانه وتعالى، والفعل من العبد على المعنى الذي يكون لهذا العبد، ولا نقول: يشبه الله المخلوقين في ذلك، حاشا له سبحانه، ولكن يضحك كما يشاء سبحانه، وهي صفة جلال وكمال لله، كذلك يعجب كما يشاء سبحانه، وهي صفة جلال وكمال لله، وكما قال هنا:(بل عجبتُ ويسخرون) أي: عجبت من أمر هؤلاء الكفار، كيف يسخرون مع قرب عذابهم الذي يأتيهم من الله سبحانه، كيف أنهم يستكبرون على الله سبحانه مع ضعفهم! عجبتُ لأمرهم، وفي العكس من ذلك في تعجب الله سبحانه وتعالى من الإنسان الصالح والإنسان الطيب، جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم:(يعجب ربك من راعي غنم، في رأس شظية جبل، يؤذن للصلاة ويصلي فيقول الله عز وجل: انظروا إلى عبدي هذا يؤذن ويقيم الصلاة، يخاف مني! قد غفرت لعبدي).
فالله عز وجل يعجب لهذا الإنسان الذي هو في رأس جبل، ومع ذلك إذا جاء وقت الصلاة قام يؤذن وأقام الصلاة، مع أنه يعلم أنه لا أحد يأتيه في هذا المكان، ولكن خوفه من الله وحبه لله سبحانه جعله يؤذن في مكان لا أحد يأتي إليه فيه، أذن وأقام وصلى، فعجبت ملائكته من ذلك، وعجب الله عز وجل لأمره، فإذا عجب الله من مثل هذا أثابه سبحانه وتعالى، وإذا عجب من مثل هؤلاء الكفار عاقبهم سبحانه بعقوبته.
نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.