يخبرنا الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات من سورة الصافات عن حال الكفار في الدنيا ويوم القيامة كيف أنهم في الدنيا استكبروا فكان نتيجة هذا الاستكبار الذل والصغار يوم القيامة بين يدي الله الواحد القهار سبحانه وتعالى، لقد كانوا مستكبرين، متعززين، يظنون أنهم جميع منتصر، فلما جاءوا يوم القيامة جاءوا فرادى {بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ}[الصافات:٢٦].
أي: لقد كانوا في الدنيا ينصر بعضهم بعضاً، وفي الآخرة يتبرأ بعضهم من بعض، ويتهم بعضهم بعضاً، وانظر إلى الآيات كيف قال الله سبحانه؟ وكيف عجب نبيه صلوات الله وسلامه عليه! {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ}[الصافات:١٢] أي: يا محمد عجبت لكفرهم وتكذيبهم مع معرفتهم بالحق الذي جئت به، ومع عدم قدرتهم على الإتيان بشيء من مثل هذا القرآن العظيم الذي جئت به، وهذه قراءة الجمهور كما ذكرنا قبل ذلك وقراءة حمزة والكسائي وخلف {بَلْ عَجِبْتُ} أي: أن الله عز وجل يعجب حيث يقع فعلهم هذا عنده موقعاً شنيعاً منكراً فيعجب سبحانه من كفر هؤلاء الكفار وفعلهم مع النبي صلى الله عليه وسلم فيجازيهم بما نسمع بعد ذلك.
{وَإِذَا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ}[الصافات:١٣] أي: لا يذكرون الله، ولا يذكرون هذه الآيات، فهم غافلون عما جاءهم من آيات من كتاب الله، وعما يرون أمامهم من معجزات على يد النبي صلوات الله وسلامه عليه، {وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ}[الصافات:١٤] أي: هم يسخرون، ويدعون بعضهم بعضاً للسخرية بالنبي صلى الله عليه وسلم، والسين هنا من الاستفعال وهو الاستدعاء يعني: يناجي بعضهم بعضاً تعالوا استهزءوا وتعالوا اسخروا مما يقول هذا الرسول.