للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (وجعلنا منكم أئمة يهدون بأمرنا)]

قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة:٢٤] (منهم) تبعيض {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا} [السجدة:٢٤] وكلمة (أئمة) يقرؤها الكوفيون بهمزتين وكذلك يقرؤها هشام عن ابن عامر بهمزتين، أما باقي القراء فيسهلون الهمزة الثانية، ومبنى ذلك على اللغة العربية، فإن العرب في الغالب لا تجمع همزتين مع بعض كما في لفظ: آدم بهمزة وبعدها مد، فعلى ذلك قرءوها هنا بتخفيف الهمزة والتسهيل، فأكثر القراء ومنهم قالون وورش بخلفه، وابن كثير ورويس وأبو عمرو يقرءون: (أئمة) بتحقيق الهمزتين وغيرهم يقرءونها بالتسهيل هرباً من جمع همزتين مع بعض فيصعب النطق بها، ولهم في هذه الكلمة: (أئمة) أربع قراءات.

قوله: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا} [السجدة:٢٤] فالله عز وجل جعل من هؤلاء أئمة يقتدى بهم، فهؤلاء الأئمة من بني إسرائيل كيف وصلوا إلى هذه المرتبة؟ قال الله عز وجل: {لَمَّا صَبَرُوا} [السجدة:٢٤] لأنهم جاهدوا أنفسهم، وجاهدوا الخلق حتى وصلوا إلى درجة عظيمة من الصبر، فاستحقوا أن يتقدموا غيرهم، وأن يكونوا أئمة للخلق، فلم يكونوا كلهم أئمة، ولكن كان بعض منهم أئمة يهدون بأمرنا، يعني: بشرعنا أو لشرعنا، يهدون الناس بأمر الله، وبإذنه، وبشريعة الله التي أمرهم أن يدعوا الناس فيها، وكذلك يهدون بأمرنا، يعني: لشريعتنا ولديننا، وقراءة الجمهور: {بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا} [السجدة:٢٤] وقراءة حمزة والكسائي ورويس عن يعقوب: {لِمَا صَبَرُوا} [السجدة:٢٤]، بكسر اللام، أي: بسبب صبرهم، فيكون المعنى: لما صبروا استحقوا أن يكونوا أئمة، فصاروا أئمة لصبرهم على دين الله سبحانه، وتمسكهم بدينهم.

{وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة:٢٤]، كانوا مؤمنين بآيات الله ومستيقنين، لا شك في قلوبهم من وعد الله سبحانه تبارك وتعالى.

<<  <  ج:
ص:  >  >>