للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (ويريكم آياته فأي آيات الله تنكرون)]

قال تعالى: {وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنكِرُونَ} [غافر:٨١] كما جعل لكم الفلك في البحر ويخلق ما يشاء سبحانه وتعالى، وعلم الإنسان ما لم يكن يعلم، وعلمه كيف يصنع المركب، وكيف يصنع السيارة، وكيف يصنع الطائرة، وكيف يصنع الصاروخ، وكيف يصنع مركبة الفضاء، يعلم الله عز وجل عباده ويفتح عليهم من فضله، ويريهم نعمه عليهم تبارك وتعالى.

قال تعالى: {وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ} [النحل:٨]، فالذي خلق هو الله سبحانه، والذي خلقك هو الله سبحانه، والذي دلك على ما تصنعه وعلى ما تفكر فيه هو الله سبحانه وتعالى، فلا تغتر بقوتك، ولا تغتر بأنك استطعت أن تصنع الصاروخ، وتصعد إلى الفضاء، فالذي أمكنك من ذلك هو الله سبحانه، قال تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن:٣٣ - ٣٤]، فعندما يتطاول الإنسان ويقول: أنا أفعل، فربنا سبحانه يريه، ويحرق له مركبة الفضاء، فلا تصل إلى المكان الذي يريد.

قال تعالى: (وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ) فهو الذي يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد، فإذا علمكم من فضله فاحمدوه سبحانه واشكروه، ولا تنسبوا النعمة إلى أنفسكم، بل انسبوها إلى خالقها وصاحبها وهو الله سبحانه الذي يريكم آياته.

قال تعالى: (فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنكِرُونَ) أي: ما الذي تنكرونه من آيات الله سبحانه؟ وما الذي تزعمون أن الله لم يخلقه سبحانه وتعالى؟ أو أن غير الله شاركه في ذلك؟! حاشا له سبحانه وتعالى، وأي نعمة من نعم الله تظنون أن الله عز وجل جعلكم أنتم شركاء له فيها؟ قال تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الأنعام:١٣٦].

هؤلاء المشركون بإفكهم وباطلهم وكذبهم وتخرصهم على الله سبحانه قسموا بهيمة الأنعام، قالوا: هذه لله بزعمهم وهذه لشركائنا، فالله عز وجل هو الذي خلق الجميع، وهو الذي أباح لكم أن تأكلوا هذه الأشياء، وهو الذي حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير، فمن الذي جعل هذه الميتة في هذه الحالة حلالاً وهذه الميتة حراماً؟ ومن الذي جعل ما في بطون هذه الأنعام حلالاً للذكور دون الإناث وهذه يشترك فيها الجميع؟ من الذي قسم هذه التقسيمات؟ من الذي شارك الله في ملكه حتى يحكم في هذه الأشياء؟ وأي آيات الله تنكرون أنه خلقها؟ ومن هذا الذي يخلق غير الله سبحانه، قال تعالى: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ * وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل:١٧ - ١٨].

<<  <  ج:
ص:  >  >>