[تفسير قوله تعالى:(أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا)]
وقد ذكرنا في الحديث السابق معناها، وأن معنى العلم أنه يعلم علم شهادة بعدما كان علماً غيبياً.
قال تعالى:{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}[العنكبوت:٤]، يعني: هل يظن الذين يشركون بالله سبحانه ويقعون في معاصي الله أن يفلتوا من عذاب الله؟ إن ظنوا ذلك فهو ظن السوء منهم، فكأن من ظن ذلك فقد شبه ربه بالمخلوق، فلما كان يقدر أن يهرب من المخلوق ظن أنه يهرب من خالقه سبحانه وتعالى، وكان بعض الحمقى والمغفلين من أهل الجاهلية يتعاظم بجسمه وبقوته فيقول لغيره من هؤلاء الكفار: إن محمداً يخيفنا بالنار، فإننا إذا جئنا يوم القيامة وقفت أنا فمنعتكم!! يظن أنه في الدنيا مثلما يقف ليصد الناس فيوم القيامة سوف يقف على باب النار ويمنع الباقين، وذلك من جهله وحماقته وغبائه.
ويفرح هؤلاء بما يقول هذا المغفل ويصدقونه، وإن كان التصديق ظاهراً لكن يستحيل أن يكون الإنسان في قلبه يصدق مثل هذا الشيء.
بل كان بعضهم يقول للآخرين: إن محمداً يزعم أن على جهنم تسعة عشر، ونحن عددنا كثير، فكل رجل منا برجل منهم.
كأنه يظن أن ملائكة الله كالناس المغفلين الذين يراهم أمامه من هؤلاء.
ويذهب أحدهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم بجمجمة إنسان ميت ويقول: تزعم أن ربك قادر أن يبعث هذه ويفتها بيده، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم:(نعم، يبعثها ويدخلك النا).