للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أمر الله لنبيه بالتوكل عليه]

ثم قال: {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [الأحزاب:٤٨].

وهو سيد المتوكلين صلوات الله وسلامه عليه، وهذا من باب: (إياك أعني واسمعي يا جارة) وإذا قال هذا لنبيه صلى الله عليه وسلم وهو المتوكل على الله فإن المراد أن يداوم على ذلك.

وهو خطاب للمؤمنين بالتبع، أي: تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم حسن التوكل على الله تبارك وتعالى، قال الله سبحانه: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق:٣].

فأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بالتوكل، والثقة بالله سبحانه وتعالى، وأن يكون جاعلاً ربه سبحانه وكيله في كل شيء، يثق في أن الله يدبر الأمر كله سبحانه، فالإنسان يتوكل على الله سبحانه.

هنا عندما تقول: أنا وكلت فلاناً بالأمر الفلاني، أي: أقمته مقامي في هذا الشيء، فأنا لا أستطيع فعل هذا الشيء، سأوكل محامياً يفعل لي هذا الشيء، فجعلته وكيلاً أي: ينوب عني في أن يقوم مقامي في هذا الشيء؛ لكي يعمل الذي أنا لا أعرفه.

فالله عز وجل يقول: أنا وكيلك، أنا أجعلك تفعل ما لم تكن تقدر عليه قبل ذلك، فالذي يصير ولياً لله سبحانه كان الله سبحانه له كما قال: (كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه).

فالله وكيلك، ومدبر أمرك؛ وذلك إذا توكلت عليه سبحانه وجعلته وكيلك ووثقت به تبارك وتعالى، وطلبت منه أن يقضي لك حوائجك، وعملت بطاعته سبحانه، فالله عز وجل يدبر لك كل أمرك، ويعينك، ويفرج عنك كل همك.

قال سبحانه: {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى} [الأحزاب:٤٨] أي: يكفيك الله تبارك وتعالى كل شيء، فهو مدبر لأمرك، وناصر لك على عدوك، فالله عز وجل القائم على كل أمر سبحانه.

قال: {وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [الأحزاب:٤٨] وفيه وعد من الله سبحانه وتعالى بأن ينصر النبي صلى الله عليه وسلم، فهو وكيله أي: حافظه عليه الصلاة والسلام، قائم بأمره، ناصره على عدوه.

وهو للمؤمنين كذلك {وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [الأحزاب:٤٨].

وذكر لنا سبحانه قوله: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة:١٢٩] إذا تولى عنك الناس، وتركوك وانصرفوا، فقل: حسبي الله، يعني: كافي الله سبحانه وتعالى.

{لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [التوبة:١٢٩] لا أعبد إلا هو سبحانه.

{عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} [التوبة:١٢٩] فوضت إليه أمري كله، فهو يفعل ما يشاء سبحانه، وأنا أرضى بحكمه وبفعله سبحانه، فهو وكيلي وكفيلي وحسيبي، وهو الحافظ لي القائم بأمري سبحانه: {وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [الأحزاب:٤٨].

نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من المتوكلين عليه حق التوكل.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.

وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

<<  <  ج:
ص:  >  >>