للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[ذكر النبي الكريم والقرآن العظيم في الكتب السابقة]

قال الله تعالى: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِينَ} [الشعراء:١٩٦]، فالضمير في (إنه) قد يعود إلى القرآن الذي ذكر قبل ذلك، أو إلى النبي صلوات الله وسلامه عليه، وهذا حق وذاك حق.

والزبر: جمع زبور، وهي الكتب، والمزبور بمعنى المكتوب، والزبْر الكتابة والتنقيش، فزبر الأولين: هي كتب الأولين السابقة كالتوراة والإنجيل، وقد أخبر الله عز وجل فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن الكتاب الذي يأتي به.

وقد عرف أهل الكتاب صفة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه عبد الله ورسوله، وأنه سماه المتوكل، وأنه ليس بفظ ولا غليظ، فقول الله عز وجل لرسوله في كتابه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} [الأحزاب:٤٥ - ٤٦] قد ورد مثله عند أهل التوراة، كما قال ابن سلام وكعب الأحبار: نجد ذلك عندنا في التوراة: (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً، وحرزاً للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق.

أرسلناك لنهدي بك قلوباً غلفاً، وأعيناً عمياً، وآذاناً صماً)، فهذا كله عند أهل التوراة، وقد أخبر بذلك من أسلم منهم بعد ذلك كـ عبد الله بن سلام وكعب الأحبار رضي الله عنهما.

فهنا ربنا يخبرنا أن ذكر محمد صلى الله عليه وسلم موجود عند أهل التوراة وعند أهل الإنجيل: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِينَ} [الشعراء:١٩٦].

كما أخبر الله عز وجل أنهم يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل، فقال: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ} [الأعراف:١٥٧]، فالرسول صلى الله عليه وسلم مكتوب عندهم في التوراة والإنجيل، ولكن أهل التوراة والإنجيل يأتون بالتوراة والإنجيل ويقولون: لا يوجد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن التوراة والإنجيل لم تكن بلسان العرب، فقد نزلت باللغة القديمة التي كانت شائعة عندهم وهي اللغة السريانية، ثم ترجموها بعد ذلك وحرفوها فألغوا منها ما أرادوا، فألغوا ذكر محمد صلوات الله وسلامه عليه، ولذلك من يطلع على الكتب القديمة بلغتها يجد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فيها.

وقد أخبرني أحد إخواننا الدكاترة الذين كانوا يحضرون رسالة الدكتوراة في اللغات القديمة أنه ذهب إلى الفاتيكان لإتمام دراسة الدكتوراة، وهنالك اطلع على مخطوطة للتوراة، فوجد فيها ذكر النبي صلوات الله وسلامه عليه بلغتهم، ولكن المترجم منها إلى الإنجليزية أو العربية أو الإسبانية أو الفرنسية ليس فيها ذكر النبي صلى الله عليه وسلم.

ونحن لا يعنينا أن نجد هذا في كتبهم أو لا نجده؛ لأننا نصدق كلام رب العالمين، فربنا يقول: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ} [الأعراف:١٥٧]، فأخبرنا بأن النبي صلى الله عليه وسلم مكتوب عندهم في التوراة والإنجيل، وأنه {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ} [الأعراف:١٥٧].

<<  <  ج:
ص:  >  >>