{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}[التكوير:١] أي: لف بعضها ببعض وألقيت في النار، روى الطيالسي وأبو نعيم من حديث أنس قال النبي صلى الله عليه وسلم:(إن الشمس والقمر ثوران عقيران في النار).
وهل معنى كونهما في النار أن الله سبحانه يعذبهما؟ لا، لقد أطاعت الشمس ربها سبحانه، والقمر أطاع ربه، والآيات تذكر ذلك:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ}[الحج:١٨].
يسجد لله سبحانه وتعالى كل من في السماوات ومن شاء الله عز وجل من أهل الأرض وكذلك الشمس والقمر، ولكن كأن الشمس أداة تعذيب لأهل النار في النار، كما أن النار فيها ملائكة:{عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[التحريم:٦] موكلون بتعذيب أهل النار، فهؤلاء الملائكة لا يعذبون بالنار ولكن يعذبون أهل النار.
والشمس والقمر يجعلهم الله عز وجل أمام من عبدهما من دون الله سبحانه، فعباد الشمس الذين كانوا يسجدون للشمس ويعبدونها من دون الله، وعباد القمر الذين كانوا يعبدون القمر إذا كان يوم القيامة جمعوا معهما ومن كان يعبد شيئاً من دون الله، ثم يأمرهم الله أن من كان يعبد شيئاً يتبعه، فالشمس تمثل لعبادها فيتبعونها فتجري بهم إلى النار فيدخلون وراءها إلى النار، والقمر كذلك، فكأن الشمس والقمر يأخذان من عبدهما إلى نار جهنم، فيصيران أداة لتعذيب أهل النار والعياذ بالله، نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.
ولذلك جاء أن الحسن البصري سأل أبا سلمة فقال: وما ذنبهما؟ فقال أبو سلمة منكراً على الحسن: أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول: ما ذنبهما؟ يعني: الأصل أنك تذعن لما جاء به وتطيع لما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تجادل مع كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وكأن الحسن فهم أنهما يعذبان في النار، ولم يقل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن قال:(إن الشمس والقمر ثوران عقيران في النار)، يعني: على هيئة ثورين معقورين في النار، كأنه يعذب أهل النار بالنظر إليهما: هذا الذي كنتم تعبدونه من دون الله صار ثوراً عقيراً في النار، فهما أداة لتعذيب أهل النار، فالشمس بإحراقها تحرقهم، والقمر كان محرقاً مشتعلاً يوماً من الأيام، فكأن الله سبحانه يعيده إلى ما كان عليه لتعذيب أهل النار، والعياذ بالله.