أي: لم تحضر جانب الجبل في المكان الغربي منه حيث نزلت الرسالة على موسى عليه الصلاة والسلام.
قوله:((إِذْ نَادَيْنَا)) أي: كلمنا موسى وناديناه.
((وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ)) أي: رحمة بكم أنتم أيها المؤمنون، بأن أوحى إليكم بهذه الرسالة الخاتمة التي تعظ الناس وتعلم الناس، وهي الشريعة الأخيرة التي تنزل من السماء على الخلق، فرحمكم الله عز وجل بذلك.
وفي صحيح مسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم:(إن الله اطلع إلى أهل الأرض فمقتهم جميعهم عربهم وعجمهم، إلا بقايا من أهل الكتاب) أي: مقتهم الله قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم كانوا على الكفر وكانوا على الشرك بالله، حتى أهل الكتاب كانوا على الكفر والشرك، إلا بقايا من أهل الكتاب ممن عرفوا الله عز وجل وعرفوا أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام، وانتظروا النبي صلى الله عليه وسلم، فكان تنزيل هذا القرآن رحمة من الله بالخلق، وإلا لو ماتوا على ذلك لكانوا كلهم في النار.
((وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ)) يعني: هؤلاء الذين كان فيهم صلى الله عليه وسلم لم يأتهم نذير إلا بقايا من ملة إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام؛ لأن موسى لم يرسل إليهم، لذلك لا يعرفون شيئاً عن شرع موسى، ولم يدعُ هؤلاء، والمسيح عيسى عليه الصلاة والسلام لم يدعُ هؤلاء، وإنما بعث إلى خراف بني إسرائيل الضالة، فهؤلاء من قرون لم يأتهم نذير، فلذلك كانوا أهل فترة، حتى جاءهم النبي صلى الله عليه وسلم فبلغهم الرسالة، فاستحقوا الوعد واستحقوا الوعيد بعدما جاءهم النذير من رب العالمين، ((وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)).
إذاً: من نعمة الله عز وجل على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى الخلق أنه أرسله رحمة للخلق جميعهم، للإنس وللجن، وهذه من خصائصه، قال:(وكان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة وأرسلت إلى الناس كافة).