للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض)]

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

قال الله عز وجل في سورة الزمر: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُوْلِي الأَلْبَابِ * أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ * اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الزمر:٢١ - ٢٣].

يخبرنا الله سبحانه تبارك وتعالى في هذه الآيات عن قدرته العظيمة سبحانه تبارك وتعالى، حيث بدأ بذكر إنزال المطر من السماء، وسلكه ينابيع في الأرض {ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا} [الزمر:٢١]، هذه الدورة التي يراها الإنسان أمامه في الطبيعة التي خلقها الله سبحانه تبارك وتعالى، يجد فيها إحياء هذا النبات الذي يستفيد منه الإنسان ثم موت هذا النبات، ثم الإحياء ثم الموت وهكذا، دورة يتذكر بها الإنسان أنه مثل هذا النبات أحياه الله سبحانه ثم يميته، وهو يرى الأمثلة على ذلك في الكون وفي الإنسان وفي الحيوان كيف يخلقها الله سبحانه؟ وكيف أنزل الله المطر من السماء سبحانه تبارك وتعالى فجعل منه كل شيء حي؟ فاستفاد منه الإنسان والحيوان والنبات والأرض، ليرينا كيف يخلقه وكيف ينزله رحمة منه سبحانه تبارك وتعالى بخلقه، وكيف يحيي به الأرض بعد موتها.

وكما أنزل الله هذا المطر من السماء ليحيي به الأرض، أنزل القرآن ليحيي به القلوب، فأشار إلى هذا القرآن وذكر القرآن العظيم أحسن الحديث كتاباً متشابهاً، والمطر فيه الحياة وفيه الغوث للخلق كذلك هذا القرآن فيه حياة القلوب، وفيه الإغاثة للخلق والإجارة من أن يعذبوا في النار لو أنهم آمنوا بهذا القرآن، فإن هذا القرآن حافظهم عند الله سبحانه تبارك وتعالى، واستحقوا به أن ينالوا رحمة الله.

<<  <  ج:
ص:  >  >>