[ذكر بعض أنبياء الله تعالى]
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
لما ذكر الله عز وجل لنا قصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام مع قومه وكيف أنه دعاهم إلى الله عز وجل وكانوا يعبدون الأوثان والأصنام من دون الله، فرفضوه وأرادوا أن يحرقوه فأنجاه الله عز وجل من النار، وذكر لنا قصة لوط ابن أخي إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وكيف أنه هاجر مع إبراهيم إلى بلاد الشام، ودعا قومه في قرى سدوم وعمورة وصوغر، فلما دعاهم إلى الله سبحانه أبوا إلا الكفر والإعراض والوقوع في أعظم المنكرات والفواحش وإتيان الذكران من العالمين، ثم حذرهم عقوبة الله عز وجل فرفضوا وقالوا: {ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [العنكبوت:٢٩] فجاءهم العذاب فاقتلعهم الله عز وجل بأرضهم، وزلزل بهم، وأرسل عليهم من السماء حجارة من سجيل، فأصبحوا في ديارهم هامدين خامدين صرعى جزاءً بما كانوا يعملون.
ونلاحظ في سورة الأعراف عندما يذكر الله تعالى هؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يطيل في ذكرهم، وما فعلوا مع قومهم وما فعل قومهم معهم.
وكذلك في سورة هود، وفي سورة طه عندما يذكر موسى عليه الصلاة والسلام.
ولكن في هذه السورة إشارات الغرض منها: أن يبين الله تعالى كيف أن العصيان من الأقوام يترتب عليه العقوبة العاجلة من الله سبحانه.
فهذه السورة جزء منها مكي وجزء مدني، وكأن الجزء المكي منها يبين للنبي صلى الله عليه وسلم وللكفار من أهل مكة أن هذا رسول حق عليه الصلاة والسلام، وهو يدعوكم إلى الله كما دعا من قبل إبراهيم، ولوط، وشعيب، وغيرهم من الأنبياء دعوا أقوامهم، وأنتم كذبتم كما كذب من قبل قوم إبراهيم وقوم لوط، وقوم شعيب وقوم موسى وغيرهم فانتظروا سوء عاقبة من كان قبلكم.
وذكر الله عز وجل قوم نوح، ثم عقب بإبراهيم عليه الصلاة والسلام.
ونوح أول الأنبياء وأول الرسل عليه الصلاة والسلام إلى الكفار المكذبين، وبعده إبراهيم أبو الأنبياء عليه الصلاة والسلام، وإن كان بينهما قرون كثيرة فيها أنبياء يعلمهم الله سبحانه وتعالى.
ولكن كأن الغرض هنا في الترتيب أن يذكر الأب بعد الأب، فآدم الأب الأول، وبعده نوح عليه الصلاة والسلام، ثم أغرق الله عز وجل البلاد وأهلك العباد الذين كفروا به، وصار من على الأرض أبناء نوح عليه الصلاة والسلام فهو أب بعد أب.
وذكر بعده إبراهيم عليه الصلاة والسلام فهو أبو الأنبياء عليه الصلاة والسلام وله التشريف.
ثم ذكر بعده لوطاً فهو في نفس الزمن، وهو ابن أخيه.
ثم ذكر بعده شعيباً عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.