[تفسير قوله تعالى:(أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون)]
قال الله تعالى:{أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ}[الأنبياء:٢١].
معنى هذه الآية سيكرر مرتين، فهنا يقول لنا:(أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ) وبعد هذا يقول: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ}[الأنبياء:٢٤]، يعني: هل اتخذوا آلهة من الأرض يحيون الموتى؟ قل هاتوا حججكم العقلية أو النقلية التي تثبت ذلك.
فكأنه يكرر ويقول أولاً: انظروا بعقولكم، هل ترون غير ما ذكرنا؟ الأمر الثاني: هاتوا أدلة على ما تقولون في ذلك، فقال سبحانه وتعالى:(أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ) يعني: هذه الآلهة التي صنعتموها من حجارة ومن رمال ومن تراب ومن عجوة ومن غيرها؛ هل هذه الآلهة تنشر وتخلق وتحيي بعد الإماتة؟ هذا دليل عقلي، فأنت فكر وانظر ماذا تعبد من دون الله؟ وهذا سيدنا إبراهيم لما كسر الأصنام وناظر قومه صلوات الله وسلامه عليه قالوا:{مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ * قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ * قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ}[الأنبياء:٥٩ - ٦١] أي: يشهدون عليه أنه فعل هذا الشيء، {قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنطِقُونَ}[الأنبياء:٦٢ - ٦٣] هذا دليل عقلي (اسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنطِقُونَ).
فهنا رجعوا إلى عقولهم، {فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ}[الأنبياء:٦٤]، أي: في ترككم لها مهملة لا حافظ عندها، {ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاءِ يَنطِقُونَ}[الأنبياء:٦٥]، يعني: أقاموا الحجة على أنفسهم واعترفوا بعجز آلهتهم.
فقال لهم إبراهيم: فكما أنها لا تنطق وتكسرت فكيف تعبدونها من دون الله؟ هذه هي الحجة العقلية، فهنا قال لهم الله تعالى:{أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ}[الأنبياء:٢١].